علي الدقباسي
كشفت القنوات التلفزيونية الكويتية الجديدة «الفضائيات» حجم تخلف تلفزيون الدولة، وهيمنت على المشاهدين بما لديها من أفكار جديدة وأعمال جذابة تحاكي الواقع بسرعة ورشاقة، ولا أقول هذا قسوة على تلفزيون الكويت، بل محبة فيه وفي الدولة التي تحتاج اليوم الى تعديل في اجهزتها كافة، خاصة الاعلامية منها، وذلك لإظهار وجه الكويت المشرق الذي طالما فشل اعلامنا في اظهاره في عز الاتهامات التي توجه لنا ولبلادنا في هدر كرامة الانسان والقمع وشق الصف العربي، وهي اتهامات غير صحيحة بتاتا، ولكن اعلامنا فشل في الدفاع عنا لأنه لايزال يدار بأسلوب الستينيات في عصر الفضائيات ولاتزال البرامج الحوارية فيه تعاني من المحاذير الكلاسيكية وتجد المعدين والمخرجين أيديهم على قلوبهم حينما يستضيفون نائبا في برنامج حواري وقبل البرنامج يقولون له «دير بالك» نحن في تلفزيون الحكومة.
هذا غير صحيح التلفزيون للدولة، والحكومة مسؤولة عن ادارته ولا تملكه، وأعتقد ان كل برنامج فيه حرية لا تمس الآخرين هو نقطة تضاف لمصلحة التلفزيون ولا تعيبه، فضلا عن انها تؤكد كم هي بلادنا متحضرة وراقية وتحترم حرية الناس وقناعاتهم حتى وان اختلف الرأي بينهم وبين الحكومة.
الفضائيات الكويتية الجديدة وفرت المجال للابداع واستقطبت الخبرات وكسرت المحظور، وبالتالي جذبت الجمهور، والمشاهد اليوم مشاهد ريموت كنترول ينتقل من محطة الى أخرى، ومن قناة إلى اخرى، ومن بلد الى آخر في ثوان، والمشاهد الكويتي بات يثق بأجهزة الاعلام الأخرى، وأخشى ان يفقد ثقته في تلفزيون الكويت بسبب عدم تطويره ومجاراته للواقع بهامش معقول من الحرية، والأمة العربية اليوم تفقد الثقة في اجهزتها الاعلامية في الوقت الذي يصدق فيه الاعلام المعادي لأنه يتمتع بمصداقية وحرية ويستطيعون من خلاله معرفة شيء من الحقيقة.
أقول «شيء من الحقيقة» لأن تجربتي الاعلامية أكدت لي بما لا يدع مجالا للشك ان اجهزة الاعلام بشكل عام لا تخلو من التوجيه والاستخدام ومن يديرها ليسوا ملائكة ومنهم من لديه أجندة خاصة وربما معادية.
وتجربتي المتواضعة اعلاميا أكدت لي ذلك، والنقد الذي نسومه هنا متى لا يجيء يوم لا يجد فيه التلفزيون مشاهدا يثق به ولا معلنا يسعى اليه، وبالتالي يفقد سبب وجوده أساسا، وتصحيح المسار مهمة الحكومة اليوم، وواجب القائمين على جهاز التلفزيون من مسؤولين ومستشارين وان كانت المسألة تحتاج الى تشريع فليذهب وزير الاعلام الى البرلمان ويطلب تعديلا، وان كان التطوير يحتاج الى ميزانية فليقم المسؤولون بإعداد قائمة باحتياجاتهم وقبل ذلك يضبطون الانفاق، وان كانت القصة «أنا مالي شغل»، فإن التلفزيون في طريقه الى ان يكون مثل أفلام الأبيض والأسود نرجع اليها من باب التجديد.
والفرجة على أعمال الماضي.
أتمنى ان يتم فصل التلفزيون عن الاذاعة وان تفكك وزارة الاعلام وان تتم فيها اعادة نظر توفير مكاتب للمال وتحقيق الهدف فليس فيها مكاتب اعلام خارجي وفيها عبء على الدولة لا يتحقق الغرض منه.
أتمنى وأتوقع ان يحصل هذا ولكن الخطورة في ان يجيء القرار متأخرا وألا يلحق تلفزيون الكويت بالفضائيات الكويتية المشرفة.