علي الدقباسي
في مثل هذه الأيام من كل عام يكون الحديث عن موسم السفر والسياحة والاصطياف، ومثل كل الأشياء، تغير موسم السفر وطعم السياحة ورائحة الاصطياف، ففي السابق حسب ما نسمع وعلى الرغم من قلة الموارد المالية كان السفر في الصيف لا يقل عن شهرين، واليوم من الممكن أن تزور بلدا بعيدا لمدة 3 ليال ويسمى هذا رحلة سفر، وأعان الله تعالى من يسافر مثل هالسفرة التي يستقطع منها وقت المطار والطائرات والتاكسي والنوم لتتقلص إلى ساعات محسوبة، وهذا بلا شك نتيجة طبيعية ومن استحقاقات الزمن الحالي، الذي تغيرت فيه الأشياء ومن ضمنها مسألة السفر أو السياحة أو الاصطياف أو سمها ما شئت.
المشكلة ان كل مدن العالم تتشابه اليوم وان كان الطقس يختلف من بلد الى آخر ففي كل عواصم طرق ومطارات وزحام وتلوث ومطاعم وفنادق وأسواق وسلع وبضائع متشابهة إلا فيما ندر، والشركات والمصانع تملأ كل أسواق العالم بالبضائع، والأسعار تختلف حسب ضرائب كل بلد، وفي معظم البلدان تجد مطاعم الوجبات السريعة وبأسعار مغرية، وهذا لم يكن متوافرا في الماضي، حيث كان يسافر الناس لشهرين إن لم يكن أكثر، ولكنها أصبحت شيئا من العولمة.
وللهرب من متاعب السفر الحديث اعتقد ان عليك البحث عما هو مختلف ليس في المناخ فحسب وانما في الطبيعة الجغرافية، مثل أن تذهب الى مكان فيه جبال أو أنهار أو سهول خضراء أو يكون مختلفا عما تعيشه في المدينة وهذا فضلا عن انه يتيح لك النظر في جمال صنع الله سبحانه وتعالى ويوفر لك هواء مختلفا ومناظر خلابة تجدد نشاطك وتحرك في النفس القناعة بأن ما نعيشه خاصة نحن في الخليج والكويت بشكل خاص نعمة كبيرة برغم حرارة الطقس، إلا ان بلادنا غنية بفضل الله تعالى.
هنا أقول لست واعظا ولا مرشدا سياحيا ولا خبيرا في شؤون السفر ولكن أسافر وأرى ان كل المدن أصبحت تتشابه في معظم الأشياء إن لم يكن كلها ولا أحس بأنني مسافر اللهم من عناء ومشقة المطار والطائرات والأمر يختلف عندما أزور شيئا مختلفا، خاصة مع البيئة الهادئة والنظيفة، وأشعر ان الناس مثلي، ولذا أسوق النصيحة هنا لنفسي ولهم بأن السفر الى المدن المتشابهة يكون كالنقل من غرفة الى اخرى في البيت الواحد، اما السفر الى حيث المكان المختلف فيشعرك بالإثارة والتجديد والمتعة في الوقت ذاته بدلا من التكرار في مشاهدة القلاع الاسمنتية التي تملأ المدن.
مقالي هنا يجيء كالأحاديث الموسمية التي تجيء في كل موسم كأن يتحدث الناس عن دخول الشتاء أو الصيف او الربيع أو امراض الحساسية في الخريف، او موسم المدارس او الحج، والجديد ان الحديث في السفر والسياحة اصبح اليوم ليس ترفا كما يعتقد البعض وانما بات ضرورة حتى للعامة من الناس ولم يعد حكرا على الأثرياء وذلك نتيجة للضغوط الهائلة التي يتعرض لها الإنسان بسبب نمط الحياة السريعة، عموما هذا الحديث الموسمي أفضل قراءة من التصريحات الإيرانية بحرق الخليج العربي.