علي الدقباسي
جميلة هي الدوحة، عاصمة الشقيقة قطر، وسريعة في نموها ورشيقة في حركتها ولها ما يميزها عن كثير من عواصم العالم، وهذا سر أناقتها بأنها غير تقليدية بفضل سوق «واجف» وأصالة المصطلحات التي تطلق على كثير من الاشياء هناك، ما يشير الى انها مدينة لها هوية وتاريخ ليس فقط يجذب الزوار وانما يعلم الاجيال الجديدة من ابنائها تاريخها الغني ولا يتركها للعولمة.
واجف هو اسم السوق المميز هناك وهو ليس «مول» كالذي يزدحم فيه الناس للشراء او للفرجة في معظم عواصم العالم، وانما هو سوق بسيط في كل شيء، محلاته، ديكوراته، ارضياته، وفيه عبق التاريخ وجمال الحاضر وكل مغريات التسوق العالمية، وفيه اهم الماركات وفيه ايضا محلات بـ «مائة فلس» وفيه مقاهي المشروبات العالمية والمشاريب التقليدية وفيه النظافة والجاذبية والبساطة وليس فيه ازدحام السيارات.
هو فكرة نجحت نجاحا باهرا وسجلت جملة اهداف منها جذب السياح المبهورين بغنى بلادنا العربية والخليجية تحديدا بكثير من الصناعات اليدوية ومنها تعريف المجتمع بكيفية الاسواق في عصر اجدادنا ومنها يتعرف المتسوقون على اسلوب جديد في التسوق بعيدا عن القلاع الاسمنتية والزجاجية التي تملأ العالم ويحمل كل واحد منها اسم «مول فلان» او «مجمع علان»، مما لا يمت باسمه شيئا للمجتمع ولا للتاريخ بصلة.
ومن الاهداف التي حققها هذا السوق متعة الاطلاع على امتزاج الحضارة بالمعاصرة، والقديم بالجديد ويكفي انه ليس تقليديا ولا نماذج مكررة من مبان تجتمع تحت سقفها نفس الماركات وذات المحلات العالمية التي تسيطر اليوم على معظم اسواق الكرة الارضية وتجد بضائعها هي نفس البضائع وان كانت تحمل تواريخ مجددة واسماء غريبة تسمى الموضة احيانا، وفي احيان ثانية تسمى صرعة وهي مملة في كل الاحوال.
نعود الى «واجف» الذي يتجول فيه الناس مشيا على الاقدام وتشعر وكأنك في قرية عالمية، تتنوع اجناس الناس فيها وهذه القرية العالمية تتمتع بإدارة وارادة قطرية ناجحة مريحة وبسيطة يزيد من جمالها أصالتها والاشياء هناك تسمى بالاشياء القديمة التي تكاد تنسى حاليا.
مثل سيارة التاكسي تجد اسمها «كروه» وتعني أجرة، ورجال الشرطة يرتدون ملابس هي ذات ملابس الستينيات والسبعينيات البسيطة والبعيدة عن دور الأزياء، وسيارة الشرطة تحمل اسم «الخويا» وتعني رجال السلطة الممثلين للحكومة، واسماء المحلات في معظمها لا تحمل الاسماء التجارية المشهورة عالميا وانما اسماء من التاريخ القطري الخليجي، وكذلك واجهات المحلات والسوق وارضيته مع تطور كبير في استخدام تكنولوجيا الكهرباء والتكييف والاضاءة وهو باختصار كأس كوكتيل فيه الجديد والقديم والتاريخ والمستقبل والمتعة وشراء المستلزمات والفرجة المسلية وهذه هي فكرة سوق «واجف» وأعتقد ان هذا ما يميز الشقيقة الرائعة قطر، فضلا عن متحف الفن الاسلامي، وهذا معلم رائع يحتاج الى موقف آخر، خصوصا ان شعاره العظيم «1400 سنة، 3 قارات وإرث واحد»، وهذا صحيح وقول موجز ومختصر ومميز وصحيح.
«مبروك على قطر سوق واجف وعقبالنا!»