علي الدقباسي
ما يجري حاليا ليس جديدا، والساحة المحلية شهدت سخونة اكثر خلال الأعوام الثلاثة الماضية من استجوابات واهتزازات وتعطيل لمسيرة البلد والتنمية، وخلال ثلاثة اعوام تشكلت خمس حكومات وانتخبت ثلاثة مجالس وخلال هذه الفترة تعطل مجلس الأمة اكثر من العام ونصف العام كإجازات وفترات لتشكيل الحكومات، وحكومة الكويت تملك ان تدير الدولة بموجب اطار الدستور وان تقيم المشاريع العملاقة وتدفع بجهود التنمية ولا يملك مجلس الأمة ان يعطلها، ولكن له حق الرقابة عليها واتخاذ التدابير الكفيلة بمحاسبتها في حال اهمال الاجراءات التي تضمن حق الدولة وسلامة اراضيها، وهذا حق دستوري، هو أمر يفترض ان يسعد الحكومة ولا يثير حفيظتها، ومع ذلك نجد ان استقالات الحكومة تلو الحكومة تحمل مجلس الأمة المسؤولية في مسألة الاحتقان السياسي الذي تشهده البلاد.
وهذا دون ادنى شك اسراف في الشكاوى ووصف غير دقيق للأوضاع المحلية التي تتحمل الحكومة مسؤولية الجزء الأكبر منها ولا ابرئ مجلس الأمة لأنه ليس مجلسا للملائكة ولا للشياطين وانما للأمة التي من الطبيعي ان تجد فيها اتجاهات مختلفة فكريا وسياسيا واقتصاديا، ومن غير الطبيعي ان تجد حكومة فيها مثل هذه الاختلافات الا ان كانت حكومة محاصصة ولا تملك رؤية واستراتيجية وخطة واضحة الملامح ومحددة الأهداف ببرنامج زمني، وهذا حال حكومتنا مع كل المحبة والأسف.
فالحكومة تجد حلفاءها بالأمس خصومها اليوم وبعض اصدقائها في الماضي القريب هم ألد أعدائها اليوم، ومرحبا بالخصومة في حدود المعقول ومرفوض الفجور في الخصومة ولا اتوقع ان ينتهي هذا الكابوس الا بنهاية جذوره واسبابه وهو مجيء حكومة لا تعتمد على منهجية الترضيات وانما على اساس المصلحة الوطنية العليا ويجب على الحكومة ان تقف من الكل بمسافة واحدة، وفي حال استمرار المحاصصة والترضيات فلن تزول الاسباب المؤدية للتصادم، خاصة اذا استمر مجلس الأمة الذي يفكر بعض اعضائه في حرمان الأمة من حق مساءلة مسؤوليها من اجل استمرارية المجلس ولو على حساب الدولة!