نريد الحلول السياسية، فلابد من أن تنطلق من فرضيتين أساسيتين، الأولى اقتناع القوى السياسية المختلفة في الكويت بأن المباراة ليست صفرية، وأنه لا يمكن لفريق القضاء على الآخر، والثانية اقتناع الحكومة بأن مواجهة المؤامرة تبدأ بتقوية علاقتها بالشعب وتوسيع قاعدة التحالفات والاستماع إلى الخبراء وليس العكس.
ففي المراحل الانتقالية في حالات الانتقال الناجحة كان من الضروري المشاركة في المسؤولية وتحمل الجميع مسؤوليات إدارة مرحلة الانتقال وبناء المؤسسات. أما في الحالات الفاشلة فكان من أهم أسباب الفشل انقسام القوى السياسية وتنافسها على الغنائم قبل الانتهاء من البناء.
لابد من إنجاز وطني شامل ببرنامج زمني محدد للحكومة يتضمن خارطة طريق محددة تتضمن ما يلي:
أولا: توقف كل فصيل عن ادعاء احتكار الحكمة والفهم والوطنية، وقيامه بتقديم الأجندة الوطنية على أجندته الفكرية، وتنقية خطاب كل فريق من العبارات التي لا تتفق مع متطلبات مرحلة البناء.
ثانيا: إقرار مبدأ المشاركة وليس التنافس، أي مشاركة الجميع في تحمل العبء ومواجهة، وذلك بتشكيل حكومة موسعة برئاسة شخصية من ذرية مبارك يكون قادرا على ترجمة الواقع وإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة القصور الحالي، على أن تمثل فيها جميع التيارات المختلفة أو من ترشحهم هذه التيارات.
ثالثا: تشكيل فريق عمل من خبراء النظم السياسية والدستورية للنظر في تعديل الدستور، على أن تتضمن التعديلات القضايا التي أثارتها القوى السياسية في السابق بجانب إضافة
بنود جديدة تعكس المضامين الاجتماعية والاقتصادية للديمقراطية المنشودة، بغرض تحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة الفروقات الطبقية وخدمة قضايا المهمشين والطبقة الوسطي.
رابعا: الكف عن تسييس ما لا يجب تسييسه (الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والجهاز الإداري للدولة)، وتشكيل فرق عمل من الخبراء لإعادة بناء جميع مؤسسات الدولة على أسس وطنية ومهنية تماما، وعدم تسييس هذا الأمر، وذلك حتى يشعر المواطن بالأمل في الانتماء إلى دولة عصرية مختلفة تماما عما كان سائدا ويستطيع المشاركة في البناء.
خامسا: تشكيل فريق لفتح حوار حقيقي مع كل المجموعات الشبابية بهدف الاستماع لهم أولا ثم إيجاد آليات فعالة لدمجهم وتمكينهم من المشاركة والبناء.
سادسا: وضع خطة إعلامية وتثقيفية وتعليمية على أسس علمية وبأهداف محددة، تزرع الأمل والوعي في نفوس الناس، وتحضهم على العمل والمشاركة، وتحدد لهم مخاطر الانتقال ومعالم خارطة الطريق ومستقبل البلاد، وتوضح لهم أيضا الملفات التي ستحتاج إلى فترات زمنية ممتدة حتى تتم معالجتها.
وعلى الجميع التفكير جيدا في أن الفشل في الوصول إلى هذه الحلول، لا قدر الله، يعني تطور الأمور والوصول لنهايات قد تكون سيئة للغاية. هناك سنن كونية تمتلئ بها كتب التحول الديموقراطي ويجب ألا يستخف بها، والمقدمات الحالية تفتح الباب لكل السيناريوهات.