أؤيد الإصلاح وبقوة وإن استلزم تضحية.. ومع الإصلاح الشامل على المستوى السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي. ومع الإصلاح الذي يستوجب أسلوبا جديدا في التفكير وإدارة شؤون الدولة يحقق الرؤية (الكويت مركزا ماليا) والتنمية المنشودتين ويسخر كل إمكانيات الدولة بأجهزتها وقطاعاتها الخاصة والعامة ويضع التعليم نصب عينيه ليواكب التطور ويخرج لنا أجيالا من العقول تتسلم زمام القيادة وتخطط لمستقبل من سيأتي بعدها، عقولا منتجة تتوافق مع مخرجات السوق وتعي تطورات الزمن ومتطلباته وكيف تتعامل باحترافية كبيرة مع العالم من حولنا بما يحمل من فرص نستغلها وتهديدات نواجهها.
وأعارض بشدة إجراءات منفردة بدعوى الإصلاح لكنها في الواقع لا ترسخ إلا من وضع قائم لا يجلب لنا إلا مزيدا من التأخر والتخلف وأعباء مالية يتحملها المجتمع وتأتي بنتائج عكسية من حيث زيادة تكاليف المعيشة والتضخم دون نتائج تذكر وبعيدة عن تحقيق رؤية وتنمية، وكل ما في الأمر أنها وسيلة لسد باب العجز.
أساليب الماضي لم تعد تنفع اليوم وهي من أهم أسباب تفشي الفساد بكل أشكاله الذي أصبح ينخر في مفاصل الدولة دون استثناء. فكيف لأسلوب المحاصصة في هذا الزمن بوجود المنافسة الحادة بين الدول لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية وغيرها أن يؤدي إلى نتيجة نرجوها مثلا؟! وكيف نرجو خيرا من بعض الإجراءات بدعوى الإصلاح كرفع أسعار البنزين والدعوم في وجود هذا الكم الهائل من الهدر المالي الذي لا نرى إلى الآن حدا له؟! وكيف نحقق إصلاحا مع إبعاد الكفاءات وتقريب من دونهم؟! وإن تم تعيين كفاءة وضعت أمامها العراقيل لكي تفشل؟! وكيف نرجو في وجود الاحتكار وعدم حماية المنافسة ووجود معوقات كبيرة تواجه أصحاب المبادرات المتوسطة والصغيرة أن تتحقق التنمية المنشودة وأن تتحول الكويت إلى اقتصاد منتج يحدث التغيير الاجتماعي المطلوب؟! وكيف لتعليم أصبح في آخر الركب بين دول من حولنا أن يحقق آمالنا؟! وكيف لنا أن ينصلح حالنا في غياب المحاسبة والثواب والعقاب؟! وكيف نعول على الإصلاح في ظل عجز حكومي في مواجهة التطرف والطائفية والقبلية والانتماءات الضيقة وغياب تعزيز المواطنة والعدالة الاجتماعية؟! وكيف نثق في إجراءات الحكومة وهي التي لم تعرف كيف تحل مشاكل أكثر بساطة كالدورة المستندية والبريد؟!
وكيف نعتمد على حكومة تفتقر إلى الإنجاز ومشاريعنا التنموية تتأخر عقدا أو ما يقارب عقدين من الزمن وتسمح لمن يقوم بها بالتلاعب في أسعارها أضعافا، أو تلغى بسبب الصراع السياسي والكتل التجارية؟! كيف لنا أن نعول على حكومة تبني أسلوب عملها على المساومات السياسية وتفتقر إلى القيادة وإلى الخطاب الفعال وإلى مسؤولين قادرين على ذلك ويملكون الحجة والإقناع؟! ناهيك عن فشلها في تنويع مصادر الدخل عقودا من الزمن؟! هذه بعض التساؤلات التي يحق لنا أن نطرحها وهناك الكثير منها من المهم أن نجد حلولا لها إن كنا ننشد إصلاحا حقيقيا.
ما تقوم به الحكومة حاليا من إجراءات ليس إصلاحا جذريا بل هو استمرار لإدارة تعاني من الخلل زمنا طويلا جدا وأصبحنا اليوم ندفع الثمن. كما ان الإصلاح والتنمية لا يأتيان بإجراءات منفردة لا تحقق النتيجة المطلوبة كرفع أسعار البنزين بل برؤية قابلة للتحقيق وبرنامج واضح الأهداف وآليات تنفيذ بجدول زمني معلن وشفافية كاملة ومصارحة مع المجتمع وإقناعا له بهدف كسب تأييده ومشاركته في تحقيق الإصلاح وبأهمية الإجراءات الإصلاحية والمكاسب التي سيجنيها والتضحية المطلوبة منه. لا إصلاح دون تضحية والوطن يستحق منا كل التضحية وإن تم ذلك فنحن بالتأكيد سنجني مستقبلا زاهرا لنا ولأجيالنا القادمة، شريطة أن تكون هناك خطة تنمية وإصلاح حقيقيتين!