العمل النقابي هو شكل من أشكال التنظيمات الديموقراطية الدائمة التي تهدف للدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للعمال وتحسين أوضاعهم ماديا ومعنويا وفق الوسائل المشروعة التي يحددها القانون. ولقد كفل عدد من المواثيق الدولية للعمال الحق في تشكيل النقابات والانضمام اليها لحماية مصالحهم ومنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948، واتفاقيات منظمة العمل الدولية (اتفاقية رقم 78 لسنة 1948)، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام 1966، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 أيضا، ولم تقتصر الاتفاقيات الدولية على الاعتراف بحق تشكيل النقابات فقط، وانما وضعت مجموعة من الضمانات التي تكفل لكل انسان ممارسة هذا الحق وخصوصا المادة 8/2 من الاتفاقية 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام 1948. وعليه فإن الإقرار بمشروعية العمل النقابي في الكويت حقيقة لا يخطئها العاقل ولكننا نظل أمام إشكالية في غاية الأهمية وهي مدى التزام التنظيمات النقابية بالمشروعية في إطار الدولة المدنية وسيادة القانون. فللعمل النقابي أهداف سامية ومطالب مشروعة لحماية حقوق المنتسبين إليه ولكنه يجب أن يكون بعيدا عن سيطرة التيارات والكتل السياسية حتى لا يتحول من «نقابة مهنية» لمجرد فرع أو مقر لحزب أو تيار سياسي يستخدمه كورقة ضغط متى شاء، ومن مظلة تحوي الجميع إلى خندق يجمع المنتمين لفكر بعينه وبالتالي يكون قد خرج عن إطار فكرته النبيلة وهدفه المنشود. فما أحوج النقابات إلى تحديد إطار عام يجمعها وأهداف مشتركة ووسائل مشروعة من خلال قنوات للحوار الجاد مع المعنيين من المسؤولين.
ولا ننكر استخدام الحقوق المشروعة في إبداء الاعتراض مع الوضع في الاعتبار عنصر المواءمة واختيار التوقيت المناسب بعد استنفاد جميع الوسائل المشروعة، فاللجوء للشارع لم يكن دوما حلا سحريا مأمون العواقب بل انه قد يكون في معظم الأحيان أحد أبرز اسباب تفاقم الخلافات وأهم عوائق التنمية، واقول لمن جعلوا الشارع مطية لأهدافهم وأجنداتهم الخاصة: انتبهوا أيها السادة فالغاية لدينا لا تبرر الوسيلة، فالوسيلة المشروعة أساس لضمان الحقوق والحصول عليها.
[email protected]