قرار «الداخلية» بمنع الندوات الجماهيرية ردة ثقافية وتقليص لمساحة الحرية، إضافة لكونه محاولة يائسة للرجوع إلى الوراء في مجتمع يتنفس الديموقراطية وحرية الرأي منذ نعومة أظفاره.
لا ننكر أن هناك من يسيء استخدام تلك الندوات ويدس السم في العسل ويؤجج المشاعر ويثير النعرات لعلة في نفسه أو لغاية لا تتفق ومقاصد المصلحة الوطنية، إلا أن ذلك ليس مبررا لمنع كافة الندوات صالحها وطالحها. رئيس الولايات المتحدة بعنفوانه وقدره لم يستطع التعامل مع القس المجنون تيري جونس الذي كاد يتسبب في حدوث كارثة باستفزاز مشاعر مليار وثلاثمائة مليون مسلم، ولا يعرف مداها إلا الله عندما هدد بحرق نسخ من المصحف الشريف، إلا عن طريق مناشدته التراجع عن ذلك ومنع البلدية من منحه الترخيص اللازم، هنا تكمن قوة دولة المؤسسات التي يحكمها القانون بآلية واضحة تطبق على الجميع.
لا ننكر على الداخلية دورها في حفظ الأمن والسلام الاجتماعي ولكن دون المساس بالحريات وعلى من يخطئ أن يتحمل تبعات خروجه على النظام العام بعقوبات رادعة إن لم تتوافر في القانون الحالي علينا تعديله إلا أننا على ما يبدو اخترنا الطريق الأسهل ومنعنا الندوات بغثها وسمينها.
أصبحت أسعار المواد الغذائية صداعا مزمنا في رأس كل رب أسرة مواطن أو وافد، فالزيادة المبالغ فيها أرهقت ميزانية الأسرة بصورة غير مسبوقة فمن الطماطم والخضراوات، مرورا بالأسماك وصولا لأسعار الأغنام، بالإضافة إلى التفاوت الفاضح بين أسعار الجمعيات التعاونية والأسواق الخاصة مما يوضح أن هناك يدا وراء التلاعب بالأسعار!
وعلى الرغم من قضية الأسعار هذه، والتي تؤرقنا وتثقل كاهلنا جميعا، إلا أنها لا تشغلني بقدر قرار منع الندوات، فالحرية قبل الخبز أحيانا.
[email protected]