السياسة اصطلاحا مصدر للفعل ساس: أي رأس وقاد، أما السياسة فهي القيام على الشيء بما يصلحه، وساس الرعية أي ملك أمرهم وسهر على خدمتهم، والمتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن لفظة سياسة لم تذكر في سياق آياته ولكن جاءت بمعان ومدلولات تشير إلى تطبيقات فعلية لها على أرض الواقع مثل الملك، الحكم، الاستخلاف والتمكين.
المشاركة السياسية حق كفلته الدساتير وحرص المشرع على تشجيع المواطنين عليه إلا أن تسييس قطاعات الدولة وأجنحتها الرئيسية يظل أمرا مرفوضا ومحظورا يشبه السير في حقول الألغام لما له من عقبات وخيمة قد تؤدي إلى تفتيت الوحدة الوطنية فيجب أن تقف الدولة موقف المحايد تجاه التيارات السياسية المختلفة على الساحة وعلى التيارات أن تكف يدها عن السيطرة على مؤسسات الدولة. وبنظرة محايدة على أرض الواقع الكويتي نجد أن تجنيد وزارة الداخلية لقواتها وعتادها لمنع الندوات بعشرات الدوريات أمام كل ديوانية هو خروج عن خط الوزارة وتفريغ لدورها في حفظ أمن وأمان الشارع الكويتي.
على ما يبدو أن وزارة التربية دخلت هي الأخرى على خط التسييس بما عرف مؤخرا بإطالة الدوام الدراسي والذي أثار لغطا داخل أروقة المجتمع الكويتي. لسنا ضد الإطالة المدروسة للدوام المدرسي ولسنا ضد أي قرار يصب في صالح طلابنا ويدعم العملية التعليمية ولكننا ضد القرارات العشوائية التي تتخذ دون دراسة أو إستراتيجية واضحة، فما كشفت عنه «الأنباء» بخصوص طلب الوزارة من التواجيه الفنية لخطة النشاط بعد إقرار القرار وتنفيذه على أرض الواقع يعد فضيحة يجب أن تعتذر عنها الوزارة وخصوصا في ظل الشائعات التي يتداولها البعض بأن القرار ما هو إلا محاولة تستغلها الوزيرة لتفادي استجواب وشيك عن طريق ضغط الأصوات الانتخابية في الدوائر على النواب المستجوبين لحث الوزارة على التراجع عن القرار وبالتالي تتحول القضية إلى مساومة سياسية تتراجع بمقتضاها الوزارة عن القرار في مقابل تراجع النواب عن الاستجواب يعني ببساطة «سيب وأنا اسيب» للمطرب الشعبي المصري أحمد عدوية الذي لديه أغنية بنفس الاسم.
أخشى ما أخشاه أن تنتقل عدوى التسييس إلى باقي وزارات الدولة وساعتها لن يصلح الطبيب ما أفسده الزمن!
[email protected]