يروي لي احد الأصدقاء من مواطني دولة خليجية شقيقة، والذي يشغل حاليا وظيفة من وظائف الدرجة الأولى في إحدى شركات الطيران ذات التصنيف السوبر على مستوى العالم، أنه وأثناء دراسته في مطلع الثمانينيات كان حلم دراسته لهندسة الطيران لا يوازيه في القيمة والاتجاه إلا حلمه بأن يكون أحد كوادر مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية آنذاك، واختصر الأسباب بريادة الطائر الأزرق وتاريخه في ذاك الوقت، إلا أنه لم يمهلني حتى أكمل صورة الماضي الجميل في مخيلتي حتى جاءت كلماته التالية كصفعات استقبلتها باهتمام لا يخلو من الحسرة ليست لأنها واقعية فقط، بل لأنها صادرة من إنسان أعلم يقينا أنه مخلص في نقده من باب أن الكويت عنده تبقى الكويت رغم كل المشكلات التي تعيشها بما فيها محنة «الكويتية»، فالرجل يقول: بسبب زياراتي المتكررة للمؤسسة وبحكم معرفتي بعدد كبير من طواقمها فإني أؤكد لك أن مستوى كوادر الصيانة وأطقم الطائرات الكويتيين تحديدا لايزالون هم الأمهر والأكثر كفاءة بين أقرانهم، فبالرغم من الإمكانيات المحدودة والطائرات القديمة، نسبيا فإنهم يملكون القدرة والتفوق في أداء واجباتهم بجودة متناهية، والدليل أنهم باستطاعتهم وببراعة أن يصلحوا الأعطال وهم يقفون على «سقالة» او يسيروا طائراتهم وينطلقوا بها، وهم مستعدون لاتخاذ قرارات حاسمة في مراحل الإقلاع والتحليق والهبوط، وكأنه ينقل تجربة الطيارين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية
نعلم أن طائرنا الأزرق في مرحلة التفكيك ونقل الأصول كما نعلم أن 6000 إداري يسيرون أعمال600 فني وطيار بسبب اختراق المؤسسة وخضوعها لمبدأ المحسوبية والتسييس ولكن هذه دعوة صادقة بأن تحافظوا على الطواقم الوطنية ذات القيمة الحقيقية وتمنعوا تسربها أو حتى تسريبها تحت ذريعة توفير البدائل والشرائح لهم والكلام المأخوذ خيره، خصوصا أن شركاتنا الأخرى كالجزيرة وطيران الوطنية وبرغم أنها احتضنت البعض منهم، إلا أنها وبسبب شدة المنافسة فإنها تسعى لتعظيم الأرباح قبل وبعد كل شيء، لذلك لن تكون قادرة على استيعاب أعداد إضافية من الكويتيين وإعطائهم ذات الامتيازات وبالمناسبة ادعو طيران الجزيرة والوطنية بكل محبة كونهما شركتي طيران كويتيتين أن تلتفتا لحقوق طواقمهما بعد ازدياد التذمر من تدني الأجور، وعدم وجود الحوافز والذي بدأنا نلاحظه بوضوح من خلال تذمر العاملين وطواقم الخدمة المستمر، فهل يعقل أن تكون هناك شركة طيران في العالم تتعاقد مع طواقم الخدمة بعقد ابتدائي بـ 180أو 250 دينارا؟ حافظوا على ما تبقى لنا ويكفينا طائرا جريحا واحدا، والله المستعان.
[email protected]