من وجهة نظر المهتم وليس المختص، أن المطالبات المتكررة بإقرار بعض الكوادر أو المزايا المالية للعاملين في جهات الدولة المختلفة وفقا لقناعة كل جهة أو شريحة وظيفية بمدى استحقاقها وأحقيتها فيها، لاشك أنها تستوجب وقفة جادة تحدد الغاية والهدف من إقرار أي مزايا مالية لأي جهة.
ونحن هنا لا نقصر هذه الوقفة على طبيعة تلك الزيادات، من حيث تناسب الميزة المادية مع المستوى الفني للموظف بل نتعداه لما يجب على الموظف العام أداءه مقابل تلك الزيادة المقر منها والمقترح، إذن نحن نتكلم عن قيمة العمل الذي يستحق الميزة المالية، وليس العكس فإذا كان هذا المبدأ في اقتراح أي زيادة مالية هو الركيزة التي تستند اليها الجهات المعنية ببحث وتقرير طبيعة الزيادة فلاشك أن العديد من المزايا المالية الممنوحة بصيغها المختلفة كوادر كانت أم بدلات تحتاج الى غربلة وإعادة نظر، فالتوسع الانتقائي على اختلاف مبرراته وأسانيده على النحو الذي نرصده حاليا لاشك أنه مبني على دراسات مستفيضة راعت بحث الإطار العام لتلك الزيادات ومدى استحقاقها بشكل تفصيلي.
إلا أن تجدد المطالبات وتنوعها يستوجب نظرة مختلفة هذه المرة، فإما أن تقوم على المبدأ الذي ينادي به البعض في إطار تفعيل مبدأ المساواة، وهذا يستدعي الأخذ بشمولية الزيادة على اختلاف مدى استحقاقها أو أن تكون الزيادة وفق مبدأ القيمة المضافة للعمل والذي ينعكس على مستوى الخدمة وجودتها وهنا يثور التساؤل هل حققت الزيادات بصورتها الحالية العائد المرجو منها وتحديدا في إطار متطلبات الخطة الإنمائية للدولة؟ وهل أثرت هذه الزيادة إيجابا في تنامي مؤشرات الإنتاج وفاعليته؟ فإذا اعتمدنا مبدأ المساواة فإن المساواة في نيل الحقوق قائمة على المساواة في تنفيذ الواجبات، ولكن يبرز هنا تبرير لهذا القيد وهو أن تفعيل مبدأ العدالة والمساواة قائم على مبررات تتعدى طبيعة الواجبات الوظيفية في ظل مبدأ كفالة ورعاية الدولة للمواطن حيث تمتد إلى مراعاة الالتزامات والأعباء المعيشية الناجمة عن حالة التضخم التي تطول الجميع دون تمييز.
إذن نحن أمام استحقاقين الأول يتعلق بضمان معالجة الاختلالات وفق المحددات التي ذكرناها، والثاني يرتبط بقواعد العدالة والمساواة، وهنا لا يمكن حل هذه الإشكالية، إلا بقرار ذي صبغة سياسية وهذا حتما سيخفف العبء على الجهات التي تقف دائما بوجه المدفع وتكون في مرمى المحاسبة المجتمعية، بالرغم من أنها أنجزت ما طلب منها باعتقادي، وهنا يبقى القرار لمن يحق لهم اتخاذه فقط.
[email protected]