علي الرندي
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):
«إن أبغض الحلال عند الله الطلاق» هذا الحديث يحمل في معناه أن الله تعالى يكره الطلاق ولكن لم يحرمه على عباده وذلك للتوسعة عليهم فإذا كان هناك سبب شرعي جاز الطلاق، لكننا اذا نظرنا الى مجتمعنا الكويتي نجد ان للطلاق أسبابا كثيرة سواء في وجود السبب الشرعي أو في عدم وجوده.
وقد حذرت احصائية رسمية في الكويت من تنامي ظاهرة الطلاق في البلاد وتأثيرها على مجمل الحياة الاجتماعية وجيل الشباب بشكل عام، ولعل أحدث الدراسات حول ظاهرة الطلاق في الكويت اكدت ان الأسباب الاولى للطلاق ترجع الى العجز الجنسي لدى الرجال والبرود الجنسي لدى النساء، وكذلك أكدت بعض البيانات التي نشرت في بعض الصحف المحلية انه تم تسجيل 40 الف حالة طلاق خلال السنوات الأخيرة بين الأزواج الكويتيين، وليست هذه كل الأسباب المؤدية الى الطلاق، ولكن هناك اسبابا اخرى مثل الفوارق الاجتماعية والنواحي المادية والأسباب النفسية والشخصية والصحية.
نستنتج من هذه الإحصائيات ان الكويت تواجه كارثة اجتماعية خطيرة تهدد الأسرة الكويتية، فهناك خلل في التركيبة الاجتماعية بسبب البعد عن جوهر ديننا الحنيف فمعظم شبابنا الآن لم ينظروا الى العلاقة الزوجية في مكانها الصحيح بالشريعة الإسلامية ويكفينا ان الله عز وجل وصف هذه العلاقة بالميثاق الغليظ، حيث قال في كتابه العزيز (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا).
فلو تساءلنا ماذا يحدث بعد الطلاق نجد الإجابة واضحة ومتمثلة في التفكك الأسري الواضح وضياع مستقبل الكثير من الأبناء وعدم وضوح هويتهم الفكرية، فكم من الأمثلة التي سيقت لنا عن شباب في عمر الزهور دخلوا السجن أو وجدوا قتلى نتيجة تعاطيهم المخدرات فهؤلاء الشباب لا يجدون سوى الاتجاه الى هذه الطرق للبعد عن التفكك الواضح في بيئتهم الأسرية، وكل هذا ناتج عن بعد الأب والأم عن الأبناء فعندما يحدث الطلاق لا يدري الأبناء الى أين يذهبون وفي اي اتجاه يسلكون هل يذهبون الى الأب أم إلى الأم؟ وهنا تقع الحيرة وعندها يكون عدم التفكير ويحدث ما لا يحمد عقباه.
فلو نظرنا نظرة سريعة في مجتمعنا الآن سنجد العديد والعديد من الأمثلة على ضياع الشباب نتيجة لحالات الطلاق والبعد الأسري الواضح والتفكك وعدم الاكتراث بالأبناء واهتمام الأب والأم بأنفسهم فقط.
إذن لابد للأب والأم ان يعملا جاهدين على استقرار الحياة الزوجية وتنحية الخلافات التي تؤدي الى الطلاق جانبا لمراعاة مستقبل ومصلحة الأبناء الذين هم عماد هذه الأمة وقوتها البناءة والفعالة لبناء أمة قوية، فالأديان السماوية جميعها تحث على الاستقرار الأسري والحياة الزوجية الهادئة والحفاظ على مستقبل الأبناء من الضياع، هذا الاستقرار الذي يؤدي الى صنع جيل قوي يستطيع النهوض بهذه الأمة.
وبالطبع لابد ان نعترف ان الطلاق في بعض الأحيان مناسب لبعض المشاكل التي نصفها بالمزمنة في علاقات الزواج فهذا الحل كالكي المؤلم الذي نلجأ اليه بعد نفاد كل الوسائل لإنقاذ الحياة الزوجية فهو أبغض الحلال عند الله.
وفي النهاية لابد من تكاتف الجميع من مؤسسات المجتمع المدني والعلماء والباحثين في دراسات الأسرة حتى نتخلص من هذه القضية التي أطاحت باستقرار الأسرة الكويتية والتي تحولت من كونها ظاهرة الى سلوك عربي.