علي الرندي
نعلم جميعا عن الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على اقتصاد العالم ككل دون استثناء مع وجود نسب متفاوتة بين أغلب دول العالم، فمنها من تأثر تأثرا كبيرا ومنها من تأثر بنسب متوسطة وهكذا، كما أن بعض الشركات تأثرت من هذه الأزمة بنسبة كبيرة فمنها من أعلنت إفلاسها وأغلقت وسرحت موظفيها ومنها أيضا من بدأت بإعلان موظفيها بأنهم سيرحلون عن الشركة في أقرب وقت، وكل هذا بسبب الأزمة الاقتصادية التي سادت العالم وأرعبت الناس والشركات في مختلف المجالات.
وقد حذر بعض الخبراء الذين ينظرون بتشاؤم إلى الوضع في البلاد العربية من أن أسواقها تأثرت بالأزمة تأثرا كبيرا، إذ ساد جو من التوتر كاد يصل إلى الذعر في بورصات المنطقة وذلك بعد التراجع الحاد لسعر برميل النفط وإفلاس بعض البنوك وأزمة نقص السيولة وهذا ليس له تأثير سلبي على الصعيد الاقتصادي فقط ولكن على الصعيدين السياسي والاجتماعي أيضا.
فلو نظرنا إلى بلد مثل الكويت وهي ولله الحمد دولة غنية، أنعم الله عليها بالنفط فسنجد أن تأثير الأزمة الاقتصادية عليها واضح جدا، سواء في تعاملات البورصة التي أحزنت الناس الذين يتعاملون فيها لانخفاض أسعار الأسهم بشكل واضح مما أدى إلى خسارة الكثير منهم، وكذلك انخفاض سعر برميل البترول الذي هوى بشكل سريع وكبير وأدى إلى تعطل حركة التنمية التي رسمت بناء على سعر البرميل المرتفع، وكذلك نجد الكثير من شركات الكويت التي أوقفت بعض موظفيها للتقليل من حجم الرواتب التي تدفع لهم، ووقف حركة البيع والشراء بشكل كبير، وكذلك تأثر سوق العقارات بشكل واضح، وهذا كله بسبب الأزمة الاقتصادية.
فالأزمة الاقتصادية التي يواجها العالم الآن ليست في حقيقتها أزمة نظام وحسب، بل هي أزمة فكر وأخلاق أيضا، فلو نظرنا إلى تعاملات البنوك والبورصات وبعض الشركات في العالم فسنجد أنها تتعامل بمبدأ الربا المحرم الذي حرمه الله في كتابه العزيز، فالوضع الاقتصادي العالمي الذي نعيشه مع الأزمة الاقتصادية الحالية سببه الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم في السوق والتي أدت إلى مضاعفة الأزمة الاقتصادية، فالحل يكمن في التمويل الإسلامي والاعتماد على المصارف الإسلامية بدلا من المصارف الغربية التي تعتمد على الفائدة، فالتمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال.
فمن هذا المنطلق لابد من العمل على تجاوز هذه الأزمة التي وضعت تحديات جسام وبشكل أكثر ضرورة من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية باعتباره عاملا مهما لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، وكذلك إتاحة فرص الاستثمار في كل بلد عربي للمؤسسات والشركات العربية ومنحها الأولوية في تنفيذ المشروعات الاستثمارية، ولابد أيضا من تسريع وتيرة التجارة البينية العربية وتطوير منطقة التجارة العربية.