علي الرندي
تشهد بلادنا في هذه الايام ازمة جديدة من الازمات المتعاقبة على وطننا، ولكنها ليست ازمة نواب او ازمة استجوابات وانما ازمة خارجية تمثلت في العلاقة بين بلدين متجاورين وشعبين شقيقين هما الكويت والعراق. فقد لاحظنا جميعا خلال هذه الايام كيف صعدت وسائل الاعلام العراقية لهجة خطابها الاستفزازي غير المسؤول بحيث اصبحت تعليقات وتصريحات الوزراء والبرلمانيين والسياسيين العراقيين ومطالباتهم غير الواقعية أقرب الى ان تكون حملة سياسية اعلامية موجهة ضد الكويت.
فها هو نائب مستقل في البرلمان العراقي ويدعى عزالدين الدولة يطالب في رده على تصريح مسؤول كويتي بشأن تطبيق العراق لجميع التزاماته قبل رفع العقوبات المفروضة عليه منذ الاحتلال العراقي الغاشم للكويت عام 1991 بإدراج مناقشة موضوع فرض تعويضات مالية على الكويت من جراء السماح للقوات الاميركية بالدخول الى الاراضي العراقية وما سببه هذا الدخول من تدمير ودمار وخراب للبنية التحتية للعراق، وقد اشاد غالبية النواب العراقيين بهذا المقترح والمناداة برفعه الى اعلى المستويات والتصعيدات، وهذا ما دفع بعض نواب مجلس الأمة في الكويت الى الرد على هذه الحملة الاستفزازية بتصريحات مضادة.
فالمشكلة الآن لم تعد مشكلة ديبلوماسية، ولكنها أصبحت أزمة بين البلدين مصحوبة بحملة سياسية وإعلامية، وهذا يفرض علينا أن يكون هناك تحديد لموقف وطني كويتي في التعامل المسؤول والحذر مع هذه الأزمة وتداعياتها بما يتوافق مع المصلحة الوطنية، فكل ما نتمناه في المستقبل القريب هو أن يكون هناك منظور كويتي استراتيجي مستقبلي واضح للعلاقة مع العراق، ولا يكتفى بردود الأفعال والتعامل اليومي مع الأحداث العابرة والمشكلات المستجدة والأزمات المفتعلة، وأن يتم إيجاد علاقات متينة ذات ترابط مستقبلي يعتمد على الطرفين وذلك من خلال محاولة نسيان الماضي وتوحيد اواصر التعاون الثقافي والسياسي والاجتماعي وتجاوز كل ما يهدف الى الانتقاص من الكويت كونها جزءا من العراق بشكل يضر مصلحة العراق اولا واخيرا.
فلابد من اعتماد لغة الحوار والتعاون المشترك وحل المشاكل العالقة بين الطرفين بشكل يؤصل هذه العلاقة ويجعلها علاقة تكافؤ وتبادل بين البلدين. وأخيرا فالمواطن الكويتي ليس ضد أن يعود العراق الى حاضنة المجتمع الدولي، بل يسعى لذلك وتبذل الحكومة الكويتية والمسؤولون الجهود لنيل هذه الغاية، ولكن ليس معنى ذلك أن يغفل الكويتيون عن حقوقهم المشروعة. لذا نتمنى أن يتوقف أصحاب الأصوات التي تنطق بما لا يخدم العراق او الكويت وان يضعوا نصب أعينهم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.