لا شك اننا الآن امام مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد المجتمع والأجيال القادمة، فحوادث التحرش والمعاكسات والجلوس على المقاهي والتسكع في الشوارع، ناهيك عن مشاكل الزواج العرفي زادت بشكل مفزع، واذا كنا منذ الطفولة نسمع ان الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع، وانها أساس هذا المجتمع فهي التي نتعلم منها العادات والتقاليد الموجودة في مجتمعنا، ومن هذه العادات عادات الزواج.
فلو نظرنا الى الشباب عموما في المجتمعات العربية، وفي الكويت بصفة خاصة لوجدنا ان الأحوال المادية بالنسبة لكثير من الشباب ليست على ما يرام، فنسبة البطالة مرتفعة والأجور منخفضة والعثور على مسكن مناسب لعش الزوجية يكاد يكون حلما صعب المنال.
والأدهى من ذلك اننا نضع مزيدا من العراقيل التي تجعل الشباب يشعر باستحالة تحقيق حلم الزواج وتكوين أسرة، ومن المفارقات العجيبة انه في حين تزداد الظروف الاقتصادية قسوة، لاتزال ثقافتنا للأسف تكرس حب المظاهر والمغالاة في كل شيء، نفقات الزواج والشروط المتعلقة بتأسيس المسكن وعدد الغرف التي ينبغي تجهيزها ومكان إقامة الحفل وما الى ذلك.
وإذا نظرنا الى المجتمعات الأخرى التي لا يعاني الشباب فيها من مشكلة عند الزواج نتيجة التكاليف الباهظة، فإننا سنجد لدى هذه الشعوب ثقافة أخرى مغايرة لثقافتنا، ثقافة تشجع الإنسان على التفكير بطريقة علمية والبحث عما يسعده في حدود امكاناته، فأسرة الشاب والفتاة لا تقف حائلا بينهما على الإطلاق بل ان المهم هو ان يبدأ الاثنان حياة زوجية سلسة خالية من مظاهر الترف والعراقيل.
فكل شيء في هذا المجتمع يبدأ صغيرا ثم يكبر، فالزوجان الجديدان يبدآن بشقة صغيرة مثلا ثم تتطور مع الأيام لتصبح بيتا كبيرا، ولكن في بلادنا الكل يريد ان يبدأ وفي يده كل شيء أقلها شقة مجهزة بأربع أو خمس غرف.
ومما يزيد الطين بلة، تلك المسلسلات التي اصبحت تصور الناس وكأنهم جميعا رجال أعمال فمعظم البيوت التي نراها في المسلسلات عبارة عن ڤيلات وقصور ضخمة وديكورات فخمة جدا، لماذا لا تسلط هذه المسلسلات الضوء على مشاكل الطبقات الاجتماعية العادية التي تمثل أغلب المجتمع.
ان وسائل الإعلام والإنتاج الدرامي عليها مهمة كبرى في تشكيل مفهوم اجتماعي جديد يتعامل مع الواقع الراهن للشباب اذا كنا نريد حلا لمشكلة العنوسة وتأخر سن الزواج. وعلينا نحن أفراد المجتمع مسؤولية أكبر بأن نغير من مفاهيمنا التقليدية وننتهج اسلوبا عمليا جديدا ييسر ولا يعسر، علينا ان نبعد عن المغالاة والتقليد الأعمى ونساعد الشبان والفتيات على بدء حياتهم بشكل يسير وسهل كي ينطلقوا بعد ذلك لتحقيق آمالهم وأمل المجتمع.
[email protected]