لقد شرع الطلاق عندما يتعذر على وسائل الإصلاح بين الزوجين الوصول الى حل يبقي على كيان الأسرة التي تشكل نواة المجتمع، فلاريب من ان استمرار الحياة الزوجية مع سوء العشرة ليس بالحل الصائب، لأن المولى عز وجل بيّن حقيقة وأهمية الطلاق عند استحالة الحياة الزوجية بقوله تعالى: «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» والإسلام عندما يبيح الطلاق بضوابط شرعية انما يجعله آخر المحطات تحقيقا لمصلحة الأسرة المسلمة عند استحالة الحياة الزوجية، ولكن الكارثة الحقيقية تظهر حينما يصبح الطلاق ألعوبة على ألسنة بعض الرجال أو مجرد وسيلة لتحقيق منفعة مادية فهنا يكون العبث بهذا الميثاق الغليظ وبتعاليم ديننا الحنيف.
لقد سمعت وتأكدت من لجوء العديد من المتزوجين الى إبرام اتفاق لاستصدار وثيقة طلاق قانونية بهدف الحصول على المنحة التي تدفع للمرأة الكويتية المطلقة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وقدرها 475 دينارا، ويسافر الزوجان بعد ذلك الى بلد مجاور ويعقدان عقدا جديدا لا يوثق بالكويت حتى تبقى البيانات في السجلات الرسمية بأن الزوجة مطلقة، وتستمر في صرف المنحة سالفة البيان.
وهذه صورة من الصور العديدة التي تمثل واقع مدمني المال وعديمي القيم والمبادئ الذين يبيحون لأنفسهم خرق كل السبل واللجوء الى كل وسائل الاحتيال حتى لو كانت على الدين والشرع والدولة وسواء أكان مالا عاما أم خاصا، المهم تحقق الغاية وجني المزيد من المال الحرام.
اما عن تبعات هذا التحايل والسلوك الأرعن في استخدام الطلاق وما سيترتب على ذلك من آثار، فحين افتضاح أمر أولئك العابثين الذين لم يتبادر الى تفكيرهم انه في حالة وفاة أي من الزوجين كيف سيرثه الآخر؟ فاذا قدم العقد الذي تم ابرامه في الخارج بتاريخ سابق سيفتضح امره ويعاقب بجريمة استيلائه على المال العام بغير وجه حق وبممارسة طرق احتيالية، ولا يقل الوضع سوءا اذا ما رزق الزوجان بمولود، اذ سيضطران حينها الى عقد زواج ثان في الكويت وبالطبع حب المال سيدفعهما الى معاودة الكرة وحينها يكون الزوج قد اهدر الطلقتين اللتين اباحهما الله له في غير محلهما ونعود الى الدائرة الأولى من حيث التوارث عند الوفاة وفضح المستور.
ان نصل الى هذا الواقع المر من التعسف في التحايل وسرقة المال العام والعبث بالدين وبالأسرة وننقل هذه الصورة الى أبنائنا الذين سيقتدون بتصرفاتنا، واقع لا يبشر بالخير.
نأمل من الجميع العودة الى الصواب وترشيد استخدام الطلاق والتقيد بالضوابط الشرعية، ولجم جماح شهوة المال وتحقيق الرضا والقناعة والعودة الى ديننا الحنيف وكسب رضا الله وإدراك قوله تعالى (وفي السماء رزقكم وما توعدون) صدق الله العظيم.
العنف
طلبت الوزيرة الحمود من الفريق التربوي الذي تم تشكيله دراسة أسباب حوادث العنف في المدارس ورفع تقريره في فترة لا تتعدى ثلاثة أسابيع، ولتسمح لي د.موضي ان أشارك وأساهم في هذا التقرير المختصر الذي يؤكد ان السبب الرئيسي هو تراخي الحكومة الذي دفع الطلاب وغيرهم لهذا السلوك السلبي الذي انتشر في مجتمعنا كاعتداء المواطن على العسكري، والمريض على الطبيب وعدم اتخاذ قرار بفصل الطالب فصلا نهائيا عند اعتدائه على المدرس ومشاهدته الاتهامات المتبادلة بانحدار الألفاظ بين كتّاب الصحافة وكذا بين ضيوف البرامج التلفزيونية واستمرار تدخل النواب بالقرارات الحكومية وإقامة التجمعات والندوات بالشوارع للهجوم على القياديين باستخدام مفردات دون المستوى، إضافة الى ضعف الحساب والعقاب الحكومي الذي أعطى الطالب شحنة من الجرأة والشجاعة ليجنح الى العنف، اما وسائل تقويم هذه الظاهرة فهي لا تحتاج الى بناء نظام اجتماعي ولا تبني استراتيجية اجتماعية ولا الى تشكيل لجان بل تحتاج فقط الى «عين حمرا» حكومية من خلال تطبيق قوانينها بشدة مع منع الوساطة بشتى أنواعها لحماية المعتدين والخارجين على القانون.
فالعلاج يحتاج الى استخدام كلمة «لا» من الحكومة أكثر من كلمة «نعم» وسياسة الرفض وليس القبول لطلبات السادة النواب وغيرهم لتسترد الحكومة هيبتها، وليعقل من يجنح عن الطريق الصحيح وما أكثرهم في هذا البلد.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.