تدني مستوى الأخلاق الذي يشهده واقعنا اليومي لم نر له مثيلا من قبل، والملاحظ أنه أخذ بالانتشار الواسع والبركة في بعض النواب والكتاب ومقدمي البرامج التلفزيونية، فأصبحنا نشاهد ونسمع أمورا لم نعهدها في الشارع وفي العمل وحتى في المنزل وكأن ما يعرف بالأخلاق مسألة غدت من الماضي، ناهيك عن المتغيرات التي دخلت على واقعنا سواء من الانفتاح الثقافي الكبير والعولمة والفضائيات أو الانترنت، وكان نصيبنا منها الجانب السلبي الذي أثر في تدني مستوى الأخلاقيات العامة، فكل ما حولنا يشير الى اننا نعاني من أزمة أخلاق كبير، فالألفاظ التي تخدش الحياء نسمعها في الشارع والأماكن العامة وكأنها شيء متعارف عليه، وفي المدارس تخلى التلاميذ عن براءتهم وتراهم يتحدثون في أمور نستغرب سماعها، وكثير من الشباب لم يعد للحكمة أي وجود لديهم وأصبحت الرعونة واللامبالاة والتحرش منهجا يفتخرون به، وقد عزز ذلك ما تنشره بعض الصحف ووسائل الإعلام التي تشحن الشباب بالحقد والكراهية واستخدام الالفاظ السيئة وتداولها بدلا من دعوتهم الى التبصر والمنطق والسير في الاتجاه الصحيح، فالمشكلات الاخلاقية افرزت جانبا سلبيا على الفرد والمجتمع، يضاف الى ذلك ما جاء به الانترنت والموبايل ليزيدا في تشويه منظومة الاخلاق والثوابت والقيم والمبادئ ومظاهر عديدة لازمة الاخلاق تتمثل في الانتكاسة الحاصلة بين الأبناء والآباء وعدم احترام الصغير للكبير والتعاون في قيم العمل، وتدني مستوى الحوار بين الصفوة والقدوة، فما بالنا بالآخرين ناهيك عن المفردات اللغوية السيئة التي يتم تداولها ولغة الهزل والابتذال وغدت العصبية هي المسيطرة في مجتمعنا، نتمنى من جميع الاخوة الكويتيين ان يترفعوا عن الالفاظ والمفردات السيئة التي أضحت شائعة لديهم للأسف رغم انها لم تكن في قاموس الآباء والأجداد الذين حرصوا كل الحرص على العناية والاهتمام بأصول التربية الحسنة المستمدة من شريعتنا الغراء ومبادئنا وتقاليدنا التي نفتخر ونعتز بها، فكان نتاج جهدهم ثمرا يانعا عزز من القيم الاجتماعية وساعد على خلق مجتمع سليم معافى.
فيا حبذا لو استدركنا أخطاءنا وصححنا هذا الاعوجاج اللاأخلاقي السائد حاليا، قبل أن تستفحل هذه المشكلة وتضحى ظاهرة تلقي بآثارها السلبية على تعاملاتنا، لاسيما ان الدين المعاملة، فلندفع بالتي هي أحسن، ولنتذكر دوما أننا ككويتيين ننحدر من نسل رجال اعتزوا بالخصال الحميدة والأخلاق الرفيعة وكانت البطولة والشيم الحسنة ملتصقة دوما بهم، نريد أن نعلم ابناءنا كل ما هو حسن ولا نعلمهم كل ما هو سيئ.
نأمل في حملة تتكاتف فيها جهود الجميع نسعى من خلالها الى تطبيق القوانين والتشريعات التي تضبط مسار حياتنا وتشدد على الجانب الأخلاقي منها، فالمدرسة يجب أن تعود إلى مكانها الأول من حيث التربية والتعليم، وكذلك يعود المنزل والاسرة الى مكانهما الأصلي وتركيز الوالدين على رعاية ابنائهم ومراقبتهم والاشراف المباشر على تربيتهم، بالإضافة إلى تشريع حزمة من القوانين وتعديل القائم لتتناسب مع هذا العصر ويتلاءم مع سلوك المجتمع الحالي، والحد من الانتشار الواسع للتكنولوجيا السيئة التي تطيح بالأخلاق وتنحدر بها إلى حافة الهاوية، وباتخاذ هذه المعايير والعمل على تطبيقها نأمل في القضاء على أزمة الأخلاق التي تفشت في مجتمعنا بشكل أصبح نذير شر علينا وعلى الأجيال القادمة.
كثيرا ما تم التحدث في هذا الموضوع لكتاب الصحافة ولاستغرابنا الحال التي وصلنا لها نكرره لأهميته حتى ينصلح الحال فليست هذه من شيمنا ولا من أخلاقنا.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.