لا يختلف اثنان على ان ما تعرض له المرحوم بإذن الله تعالى محمد الميموني جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتجاوز كبير يستحق المتسبب عليه العقاب سائلين العلي القدير ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يلهم ذويه الصبر والسلوان على مصابهم الجلل.
وأفراد وزارة الداخلية مدنيين وعسكريين هم موظفو دولة حالهم كحال باقي موظفي الوزارات فمنهم الجيد وما دونه ومنهم المخطئ والمجتهد، وان كان هناك عسكريون خارجون على القانون فلا يعمم خطؤهم على باقي الأفراد والضباط، فالمولى عز وجل يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وكل إنسان مسؤول عن أفعاله بقوله تعالى (كل امرئ بما كسب رهين) فالغالبية من أفراد وضباط الداخلية يعملون من أجلنا ويسهرون على سلامتنا وراحتنا من تنظيم حركة السير إلى ملاحقة الخارجين عن العدالة والتحري عن المجرمين وضبط المتهمين، فهم مصدر أمننا ولهم في ذلك كل الاحترام، كما علينا ان نعزز من هيبتهم والثقة بهم، فلا نبخسهم حقهم ولا نشك في جهودهم، بل نضع يدنا بأيديهم ونرفع من شأنهم ليتسنى لهم القيام بمهامهم على الوجه الأكمل، ومادام وزير الداخلية وعد بالإصلاح وإعادة اختيار القيادات فليأخذ فرصته.
اما طلب النواب بتغيير نهج وزارة الداخلية من الإكراه إلى الرأفة فسينعكس بالسلب عليهم وعلى المواطنين مستقبلا ويزداد عدد القضايا التي ستقيد ضد مجهول لعدم اعتراف الجاني أو المتهم بجرميته، والسبب معرفته المسبقة بعدم تعرضه لأي طريقة ينتزع بها اعترافه ليتمسك بنكرانه، فكيف نحافظ على الأمن اذا غلبتنا العاطفة بحسن تعامل رجال المباحث مع اصحاب السوابق مادام النواب قيدوا اجهزة الداخلية وانتزعوا أنيابها وتحولت إدارتها الى إدارات مدنية يختلط فيها المجرم بالبريء، علاوة على ان القانون مليء بالثغرات التي تضيع من خلالها حقوق الكثير من الأبرياء لاسيما مع انكار المتهم للواقعة المنسوبة اليه وعدم وجود أدلة تؤكد إدانته سوى اعترافه، مما يفتح امام المجرمين سبل الهروب من فعلتهم المؤثمة.
لذا يغدو استخدام الحدة مع المتهمين له ما يبرره في أحيان كثيرة خاصة مع بعض المجرمين الخطرين، وكذلك له سنده من الشرع وان اختلفت آراء الفقهاء في ذلك إلا ان الثابت في مذهب المالكية اجازته لضرب المتهم ضرب تعزيز لاجباره على الاعتراف وجعله عبرة لغيره، اما الضرب للعداء والانتقام فهو المرفوض نهائيا.
صمام الأمان بين الحكومة والمجلس هو رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، هذا الرجل الذي يتمتع بحسن الخلق وسعة الصدر والتواضع، اختار المهمة الصعبة التي هو أهل لها عن المهمة الأسهل وهي راحته مع أسرته، لأنه على يقين بأن خدمة الوطن هي الأولى على سلم أولوياته، ليكون هو المنقذ لكثير من الأزمات التي تعصف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
رجل لم تغيره أمواله ليتعالى أو يترفع عن أبناء وطنه بل زادته حبا لهم وابتسامته المرسومة على وجهه تسبقه بالترحيب قبل ان ينطقها بمن يلتقي به.
فهنيئا لك يا بوعبدالمحسن على هذه الروح الطيبة، وهنيئا للوطن بهذا المواطن الذي يعد مثالا يحتذى، ومنارا يستعان به في ظلمة الأحداث.
«رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا».