بغض النظر عن ما يدور في نفوس الكويتيين من شكوك في ولاء الثنائي عدنان عبدالصمد وأحمد لاري وغيرهما من نواب ومسؤولين بالدولة تواجدوا في ما يسمى بحفلة تأبين إلا ان المذكورين كانا يحملان الجنسية الكويتية وهما من أبناء هذا الوطن وممثلي الشعب في مجلس الأمة مما يبعد أهمية الحديث عن ذلك والتعرض والهجوم لشخصيهما ويبقى التقدير والاحترام لهما من الحكومة ومن ناخبيهما وتستمر ممارستهما في البرلمان لمصلحة الوطن والمواطن معززين مكرمين متخطيين الكثير من أبناء الشعب الكويتي في الإمكانيات والوجاهة والنفوذ إلى ان وصلت اللحظة التي بينت أن السكين وصلت العظم، وذلك في تأبين المجرم مغنية وخطاب قائدهم الذي يتسم ليس بالجرأة كما يعتقد بل بالوقاحة والجحود وعدم الولاء لهذا الوطن الذي احتضنه وأغناه وحماه من حبل المشنقة.
لا يقع اللوم عليهم بل اللوم الأكبر على حكومتنا المتسامحة التي تحمل شعارها الدائم «افتراض حسن النية» و«الهون أبرك ما يكون».
نائب كويتي يؤبن مجرما يتعرض لموكب صاحب السمو الشيخ جابر، طيب الله ثراه، ويقتل أبناء الكويت في أي بلاد في العالم يتم ذلك وأي ديموقراطية تسمح بهذا الفعل الشائن، وماذا يعني بعض الكتاب عندما يطلبون وأد الفتنة، هل معنى ذلك ان يصمت الشعب وتصمت الدولة عن حقها وتتسامح اكثر مما هي متسامحة؟ أم تقبل تدخل وتوسط وجهاء الشيعة الكرام وإنهاء الموضوع بالاعتذار وعفا الله عما سلف وعدم تكراره مستقبلا؟
طالبنا وكتبنا في مقالات سابقة عن الأحزاب وعن الطائفية وعن تلاحم الشعب الكويتي سنة وشيعة ولي من المعارف والأصدقاء من المذهب الشيعي الكثير منهم من أيام المتوسطة والثانوية ومازالت العلاقة باقية وستستمر هذه الصداقة التي أعتز بها إلى ما لا نهاية والاعتراض ليس لمذهب عبدالصمد بل لتصرفه وجرح مشاعر الكويتيين وتحديه لهم وعدم إخلاصه لوطنه وولائه له.
والمواقف الصعبة هي التي تثبت مدى إيمان الإنسان بربه وبوطنه وما جرى لا يمكن ترجمته لأكثر من لغة او معنى.
وبخطاب عدنان تذكرت كلمة الرئيس حسني مبارك عندما قال ان كل شيعي ولاؤه لإيران علما انني واثق ومتأكد ان ذلك لا ينطبق على الشيعة في الكويت، لمعرفتي التامة بهم والتواصل المستمر بيننا، فالمطلوب هنا تحرك نيابي قوي وواضح بدون استحياء وبلا عاطفة او مصالح لأن هذه الأمور تقف وتنتفي عند الحديث عن الولاء والمصلحة العليا للبلاد.
وكما يعلم الجميع ان الكويت بها وزارة تسمى وزارة الداخلية وبها إدارات عامة كأمن الدولة والمباحث الجنائية فلتقم كل ادارة بعملها الموكل لها لحفظ أمن الوطن وهيبته كما تقوم وزارات الداخلية بالدول الأخرى.
فمن أساء لوطننا ومواطنينا أو حتى توافرت شبهة الإساءة لديه يجب ان يتخذ منه موقف يعبر عن مدى تماسك أبناء الوطن الواحد مع بعضهم البعض لا أن نمجد بطولات هلامية وتأخذنا العاطفة في مسلك سيئ ينعكس سلبا على وحدتنا الوطنية وتماسك ابناء الوطن الواحد لغايات دفينة في نفس صاحبها وإن كانت بينة وواضحة للجميع، وأقولها صراحة من ليس له ولاء لهذا الوطن أيا كان فليغادره بلا رجعة.
أما ما قاله وزير الداخلية فهو ينطق بلسان حال الشعب الكويتي بأجمعه ونحن نشد من أزره واضعين يدنا في يده، ونناشده إحكام قبضته على كل من يحاول ان يعكر صفو المجتمع وتماسك ابنائه بإيقاظ الفتن وزعزعة الوحدة الوطنية.
وفي مثل هذه الحالة لا تنفع التهدئة والاعتذار، فما حصل اكبر من ذلك بكثير، بل المطلوب اتخاذ اجراء يرد الاعتبار للشعب الكويتي سنة وشيعة ونتمنى الا يأتي اليوم الذي نقدم فيه العزاء للكويت في أمنها وهيبتها.
أتمنى من الجميع العمل على صيانة الوحدة الوطنية وتوطيد دعائم التضامن والتآخي وعدم إيذاء مشاعر بعضنا البعض وتثبيت مبادئ دستورنا، فلا قبلية ولا طائفية ولا حزبية، وعلينا احترام سلطة القانون والنظام العام وتوفير الطمأنينة للجميع فلا سيادة لغير القانون الذي يجب ان يكون فوق الجميع، فقوة ومتانة الوطن تتمثل في ولاء المواطن له ليكون قويا مهابا وعندما يصبح الولاء للحزب والطائفة والقبيلة يضعف الوطن ويتلاشى بل نريد ان يتبارى الجميع في تقديم الافضل ومن ثم تتوالد الإبداعات والتفوق والنجاح، فالمواطنة ليست سلوكا يوميا مفروضا انما هي شعور وعمل يقوم به المواطن في كل نشاط طواعية من أجل رفعته وتقدمه.
اللهم احفظ الكويت وقادتها وشعبها من كل مكروه، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.