عندما نتحدث عن حفلة العيد الوطني الأخيرة، فاننا نتحدث عنها من حيث العمل الجماعي، ويدخل ذلك في اطار النقد البناء الذي نسعى من ورائه لتحقيق الافضل وتلافي أي سلبيات في المستقبل، وليس حديثنا عن الفنان ذاته، فالفنانون الكويتيون المشاركون في الحفل الأخير، وصلوا لدرجة من الاحتراف والابداع جسدتها وقطعت بها سنوات خبرة معتقة توجتهم على قمة الغناء الطربي، وكذلك الحال بالنسبة للمؤلف الاصيل والملحن المتجدد فأعمالهم السابقة تشهد لهم بالتميز وحتى بقية الاخوة المشاركين لا نستطيع ان نبخس حقهم بالعمل والجهد مع طلاب المدارس، ولكن عند مشاهدتي العمل الأخير أيقنت ان الاعمال القديمة اكثر تميزا وجمالا فهي بطعم ونكهة خاصة وترتيب منظم ودقيق مكملا بالصوت والصورة لينتهي العمل بلوحة متكاملة الابداع، آملين من المعنيين اعادة تكليف العمالقة القدامى للاعداد والتهيئة لمناسبة العيد الوطني القادم وفي وقت مبكر لنستمتع بعمل خال من العيوب والملاحظات.
من مظاهر الوعي الحضاري الاهتمام بمدلولات اللوحات الارشادية التي يجب ان تكون دقيقة وبعيدة عن الاخطاء ليستدل بها قائد المركبة في تنقلاته، وتتسنى له من خلالها معرفة الاماكن وتيسير الوصول اليها، فنجد لكل مدخل منطقة من مناطق الكويت دليلا توضيحيا لتبيان قطع المنطقة، الا ان الملاحظ ان دليل منطقة الشامية من مدخل الدائري الثاني يحمل الخطأ في القطعة رقم (8)، حيث في واقع الحال تحمل الرقم (9)، نأمل من الجهات المعنية لدى بلدية الكويت استدراك هذا الخطأ وتصحيحه.
الغاية من برامج المسابقات المباشرة في الاذاعة التثقيف والتوعية وكسب قيمة المعلومة التي يدلي بها المتصل من خلال اجوبته على السؤال المقدم، ويلاحظ في تلك البرامج وبالذات بالبرنامج العام مدى شح معلومات المتصل، فبرغم وجود ثلاثة خيارات لانتقاء الاجابة الصحيحة، وهذا بحد ذاته يمثل قمة المساعدة، الا ان المشارك يلح في طلب المساعدة اكثر، وبأسلوب يتسم بالسلبية التي تسيء للوطن والمواطن بآن واحد، فالبرنامج الاول مسموع في كل مكان وليس من المستحب والمقبول ان يسمع الآخرون - خارج وداخل الكويت - الكويتيين وهم في بلد الخير يتوسلون ويطلبون من المقدم بالتسهيل اكثر من اللازم ليفيدهم بالاجابة الصحيحة من بين الاختيارات الثلاثة، بغية الحصول على ثلاثين دينارا وهي قيمة الجائزة ولا اقلل من قيمة المبلغ، بل القصد منه رفع قيمة المواطن الذي هو اكبر من المبلغ، ومن ناحية اخرى، لا توجد مساعدة اكثر من وجود الخيارات الثلاثة، فكيف ان لم تكن تلك الخيارات موجودة هل سنسمع من المتصل انه مستعد لتقبيل الايادي ليحصل على الاجابة.
يتردد دائما القول بوجود خط أحمر يجب الوقوف عنده ويمنع تجاوزه وهذا الخط غير المرئي نسمع به ونبحث عنه بالكويت، ولكن للاسف لا نراه، فعلى ما يبدو انه غير موجود لدينا اساسا، وهذا ما دفع بعض السادة الكتاب - هداهم الله - ومن باب ان حرية الرأي مكفولة يتمسكون بهذا المشجب ويصدحون بآرائهم بجرأة غير مسبوقة، ويبررها الكاتب بأنها من باب النصيحة والميانة، وهي آراء حق يراد بها باطل، ويتمادى قائلها وتتحول الى هجوم صارخ على مسمع ومرأى القياديين دون ان يتحرك ويتصدى لها أحد، فأصبح من المتعارف عليه لدى جميع الناس ان من يعارض ويشن هجومه على الحكومة، تقدم له الترضية وتسهل له اللقاءات مع من يشاء، اما الموالي للحكومة والاقرب لها والمدافع عنها فيتم نسيانه ويتلاشى نصيبه من المحبة والمساندة، يجب ان يعلم الجميع أن الطبع السيئ، وتحديدا لدى بعض المتسلقين والمنتفعين متأصل في نفوسهم وكلما زادت المسامحة وارتخى الحبل زاد التطاول وشد الطرف الآخر اكثر وتمادى في التعنت فلقد بلغ السيل الزبى.
يرجى افادتي ممن لديه العلم عن سر القيمة المالية الكبيرة للوحة السيدة ليزا المعروفة بالموناليزا، والتي تمثل اشهر لوحة زيتية بالعالم، والتي تقدر قيمتها بأكثر من ستمائة مليون دولار، فإذا كانت العيون هي السبب في ارتفاع قيمتها فهناك عيون طبيعية اجمل ولا تصل الى حفنة دنانير، اما اذا كانت القيمة تتمثل في الناحية الفنية ومدى اتقان مبدعها وعمرها المديد الذي يزيد من قيمتها كلما مضت السنون، فاني أتوقف عند هذه النقطة متسائلا ايضا أين نحن من تراثنا وآثارنا ومبدعينا، هل غدا تهميش الاحساس بما لدينا وتناسي قيمته ثقافة سائدة أليس من العيب ان ننظر باعجاب للآخرين لما يعطونه من قيمة لأعمال مبدعيهم وتراثهم ونجد العكس لدينا، فحضارتنا وتراثنا واعمال مبدعينا متوارية منسية كلما مر عليها الزمن تتلاشى اكثر فأكثر الى ان اصبحت طي النسيان.
يلاحظ على العديد من القنوات التلفزيونية انها تفتقر للدقة والموضوعية في اختيار التوقيت المناسب لاعادة البرامج وانها تعتمد على طريقة الاستخفاف بالمشاهد فإما ان تعاد البرامج التلفزيونية في اليوم التالي او في أوقات ليست بالذهبية، كما يسمونها أمرا طبيعيا باعتبار ان التلفزيون يأكل من البرامج الكثير فعندما تعرض سهرة أو فيلم مساء يعاد عرضه صباح اليوم التالي أو في اوقات تكاد تكون ميتة، اما ان يعاد برنامج حي بالتوقيت نفسه في اليوم التالي فهذا ما يسمى بالاستخفاف، وينطبق هذا الواقع على برنامج عالم الاسرة، الذي يعاد عرضه في اليوم التالي ونفس التوقيت الذهبي.
اذكّر ادارة التلفزيون بضرورة احترام عقلية المشاهد واختيار التوقيت المناسب والمبرمج لاعادة بعض المواد والافلام بعد ان يكون قد دخل الى غرفة التخطيط وخرج الى قسم التنسيق لكي تحافظ على مواعيد عرض برامجها في وقت محدد ومناسب كي تضمن القناة التلفزيونية النجاح والمتابعة وعدم الملل وادخال اللبس والخلط على المشاهد، لا اريد ان اقتنع بأن الاستخفاف بالمشاهد سيبقى قضية ازلية لدينا.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.