ما أثار استغرابي ودفعني الى كتابة هذه السطور ما عرضه تلفزيون الوطن ببرنامج «تو الليل»، فرغم ان شهادتي مجروحة بالكويتيين، الا انها الحقيقة التي يؤكدها الآخرون، وذلك فيما يتسم به الكويتيون من طيبة معشر وتواضع محبب وأياد بيضاء وغيرها من الصفات الكثيرة الحسنة التي وهبنا اياها الله من عظيم فضله، الا ان بعض الكويتيين - هداهم الله - لا تخلو أنفسهم من الغطرسة والغرور وهذا ما رأيته وسمعته عن أحد ركاب «الكويتية» في البرنامج المذكور، حيث انه وجراء عطل أصاب الطائرة مرتين بالقاهرة، يروي قصته بكل اندهاش وتعجب عن رفض راكبة هندية مشاركة اخرى كويتية في غرفة واحدة، وكأن هذه الهندية خادمة لدى الكويتية لتوافق مجبورة مكروهة وليس لها الحق في الاعتراض، وهل يكون الأمر طبيعيا لدى الراوي اذا رفضت اختنا الكويتية مشاركة تلك الهندية، لابد ان هناك أسبابا دعت الهندية للرفض ولا يعطي هذا الرفض الحق للكويتي ان يتحدث بهذه الطريقة والاستهانة فقط لكون الراكبة تحمل الجنسية الهندية أو أي جنسية اخرى، فلها الحق كل الحق في ابداء رأيها، فالركاب معاملتهم واحدة لا تمييز بين جنسية وأخرى.
ان تعاليم ديننا السماوي العظيم وسنة نبينا الأكرم تشير الى ان الناس سواسية ويحذرنا من الغطرسة والتكبر.
وباعتقادي ان الغرور والذكاء ضدان لا يمكن ان يجتمعا، فقليل من التواضع يا اخوان، فالتواضع ثمرة الفهم والمعرفة ومهما فعلتم وقدمتم فلن تخرقوا الأرض ولن تبلغوا الجبال طولا، فلا تدعوا الغرور يتحكم فيكم.
ما الفائدة من التصريحات النارية وغير المسؤولة التي يطلقها بعض المرشحين من حين الى آخر وهو يعلم علم اليقين أنه يطلقها بالليل ليبتلعها بالنهار، لعدم مقدرته على تنفيذها وهدفها فقط الاستهلاك الإعلامي ومحاولة لإظهار البطولة الزائفة أمام ناخبيه، وهي تصريحات لا تخدم المرحلة الحالية ولا أي مرحلة ولا تعود إلا بالملامة والنقد على من أطلقها، نحن بحاجة الى مواقف سياسية ثابتة تنتهج الاسلوب الجاد والذي يتسم بالموضوعية منطلقا من تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، اما التصريحات المبتذلة فلن تنفع صاحبها بشيء، فالمواطنون يمتلكون عقولا تستطيع ان تميز بين الغث والسمين، وتميز بين من يمتلك القدرة على التنفيذ لتوافر الأسس السائغة والعادلة لمطالبه ومن يلغو ويعلو صراخه ليتلاشى مع صدى الأيام.
حمل الأسلحة البيضاء كما يسمونها قد يؤدي الى انتهاكات للحق في الحياة وفي الحرية وفي الأمن علاوة على خلق مناخ من انعدام الأمان، وما شاهدناه في صحافتنا المحلية ابان الاحتفال بمناسبتي العيد الوطني وعيد التحرير من قيام مجموعة بحمل أسلحة بيضاء، وهي أسلحة قاتلة ان لم تكن مؤذية تمت السيطرة عليها من خلال نقاط التفتيش لوزارة الداخلية، والسؤال ما الاجراء الذي تم اتخاذه تجاه أصحاب تلك الأسلحة اذا ما أسفرت التحقيقات عن شروعهم في أعمال مؤذية وتوافرت النية أو القصد الجنائي؟ نأمل ان نسمع بنتيجة التحقيقات والتهم التي تم توجيهها لهم، كي لا يفلت احد من المساءلة ولعدم تكرارها في كل مناسبة ليتسنى لنا وضع حد للافلات من العقاب في قضايا حمل الأسلحة والشروع في استخدامها لكسب ثقة المجتمع والحيلولة دون انتشار هذه المشكلة، وخشيتي من ان يكون قد تم الاكتفاء بالمصادرة وكالعادة تدخلت الواسطة وحب الخشوم تلتها الإعفاءات وغض الطرف ان كان هذا ما حدث - لا قدر الله - فهنيئا لأولئك العابثين، ورحماك ربي بالكويت وأمنها وقوانينها.
فكم تتحمل من جور وظلم وعقوق أبنائها!
التعاطف والتعامل الودي والتساهل في تطبيق القانون وتراخي المساءلة كل ذلك أدى الى ابراز صور سلبية عديدة، سواء من حيث التعدي على أملاك الدولة أو المخالفات المرورية أو التجمهر والتطاول والاستهانة بهيبة القانون، فلو كانت سياسة الحزم والحسم هي المتبعة لما ظهرت هذه الصور السلبية والمسيئة لهيبة الوطن فما أبرزته الصحف اليومية لمواطن يتعدى على ضابط برتبة عقيد يدل على مدى الاستهانة والاستهتار والرعونة التي تجاوزت كل الحدود والقوانين، ويؤكد ان ما ذهبنا اليه في مقالات سابقة بأن الأسوأ بالفعل قادم، ما لم تتم معالجة جذرية للوضع بشكل عام، فطلبي والطلب مصحوب برجاء ان تكون الهيبة حاضرة وألا تغيب عنا كما غابت في الفترة الماضية، انني أناشد سمو رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ان يكونا على الوعد والعهد حافظين فتصريحاتهما الواضحة تؤكد حرصهما الشديد على تطبيق القانون والمساءلة الجادة والرجاء موصول أيضا لجميع الأجهزة والمؤسسات الحكومية، لقد أتى اليوم الذي لابد معه من اتخاذ جميع الاجراءات التي تمنع وتقطع الطريق على العابثين بأمن وسلامة ونظافة وطننا ومصلحته العليا لنشعر بالراحة والطمأنينة التي تاقت أنفسنا اليها.
ما أكثر من يحب ويعشق الكويت قولا، وما أقل من يترجم هذا الحب والعشق فعلا، وشتان بين هذا وذاك.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.