يتردد بين الفينة والأخرى الحديث عن المحافظين وقلة الصلاحيات الممنوحة لهم مع بعض الاتهامات والادعاءات التي لا تنطبق على واقع مسؤولية وعمل المحافظ، ولا اريد الدخول في نص المرسوم الاميري لعدم التشويش على القارئ ولاختصار المقال اود فقط ان اوضح ان السادة المحافظين طلبوا وبشكل متكرر من الجهات العليا ضرورة اضفاء المزيد من الصلاحيات ليتسنى لهم القيام بدور أكبر، فلديهم الرغبة والطموح للعمل، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فلاتزال الوعود كامنة بلا تنفيذ حتى هذه اللحظة ومازال المحافظون ينتظرون تحقيق هذه الأمنية ويسعون إليها جاهدين.
لا ننكر ان صلاحيات الاخوة المحافظين في الكويت وبالمقارنة مع نظرائهم في الدول العربية تظل أقل من المطلوب، ومع ذلك فإن اجتهادهم وسعيهم لتسيير أعمالهم من خلال علاقاتهم وبحدود سلطاتهم الضيقة يتم بصعوبة بسبب فقدانهم حرية التصرف المباشر، ورغم ان من اختصاصاتهم مباشرة ما يفوض اليهم من قبل السادة الوزراء داخل المحافظة، إلا انه في الواقع العملي ولسنوات عديدة مضت لم يقم الوزراء بتفويض المحافظين في اية صلاحيات، وامنيتهم ضرورة تعديل او اضافة مواد اخرى للمرسوم المذكور تخولهم سلطة اتخاذ القرار او على اقل تقدير مشاركتهم للسادة الوزراء فيما يخص شؤون المحافظات، وتكون المسؤولية مشتركة، وبذلك يكون العمل واضحا لا لبس فيه كل ضمن حدود اختصاصاته ومسؤولياته سواء بالنسبة للوزير او المحافظ.
كما سبق ان طالب المحافظون بضرورة العمل على تفعيل انجاز مجلس المحافظة، ولكنه مازال كامنا طي الادراج ولم تتخذ اية آلية تنفيذية لتفعيله بعد.
نخلص الى ان المسؤولية النهائية في قصور مهام عمل المحافظين تقع على عاتق الجهات المعنية والتي طالت وعودها، والأمل بالتنفيذ ومنح المحافظين سلطات مباشرة لايزال كبيرا، ومع هذا وذاك نرى ان اسلوب التهكم على عمل المحافظين من بعض الكتاب غير لائق وليس بالصورة التي يذهب اليها البعض، فليتهم يساهمون من خلال منابرهم بمساندة المحافظين ويضمون صوتهم اليهم في العمل على تفعيل دورهم بدلا من الطرح السلبي البعيد عن الحقيقة واساءة استخدام التعابير بقصد او بغير قصد، فلا يوجد تقصير من المحافظين وهم يتمتعون بالنشاط والمقدرة على تطوير الخدمات والاشراف والمراقبة ورفع التوصيات للجهات المعنية، وأملهم كبير ولن ييأسوا من المضي قدما في المطالبة بتفعيل دورهم للقيام بواجباتهم الوطنية بما يحقق المصلحة العليا.
أتفق مع السادة النواب في رفض ما تم نشره بالصحف لصور الحفل المقام للعاملين بأحد المستشفيات الخاصة ورفض كل ما يمس تعاليمنا الاسلامية وعاداتنا وتقاليدنا، ولكن أختلف معهم في مساءلة وزراء لا ذنب لهم ولا رابط يجمعهم مع ذلك الحفل، ولو طبقنا هذا المبدأ على اطلاقه فحينها يكون الوزراء مسؤولين عما يحدث بالبيوت والشاليهات والمزارع، وهل هذا المبدأ يتفق مع النهج المأمول من بناء علاقة بين السلطتين؟ ناهيك عن ان الحفلات الخاصة بمختلف مناسباتها تقام كل ليلة بجميع مناطق الكويت، ولا يمكن منعها داخل الأملاك الخاصة مادام الحفل لم يكن علنيا او بمكان عام فأصحابه احرار فيما يفعلون، وهذا من خصوصياتهم كبشر داخل املاكهم ورقيبهم الله ثم ضمائرهم وأخلاقياتهم وتربيتهم، كما ان الاعتذار يعفو عما قبله من اقوال وافعال، قال عليه الصلاة والسلام: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» ولم تتوان إدارة وملاك المستشفى - ليقيني التام بحرصهم الشديد على تعاليم ديننا الحنيف والعادات والتقاليد - في تقديم الاعتذار ونشره بجميع الصحف ووعدهم باتخاذ الاجراء اللازم بحق المتسبب بالأمر، والاعتراف بالحق فضيلة ومادام هناك اعتراف واعتذار ووعود بالمحاسبة فلماذا يتوعد النواب السادة الوزراء وهم في الحقيقة والواقع غير مسؤولين عما حصل ويحصل داخل البيوت، اذا قصد النواب توصيل رسالة فالرسالة وصلت لأصحابها وتم تنفيذ محتواها وادرك معناها كل من قرأها، فيرجى من النواب الأفاضل الاكتفاء بذلك والالتفات للمشاريع الانمائية والعمل على تحقيق طموح وآمال الكويتيين في بلدهم.
ما من مشكلة يتناولها الكويتيون في مجالسهم وتكون السبب الرئيسي في انزعاجهم إلا ويكون المواطن الكويتي طرفا بها ان لم يكن بطلها الأساسي، واليكم الدليل للبعض منها:
العمالة السائبة المنتشرة والتي تقوم باختلاق المشاكل وارتكاب جرائم السرقة والرذيلة وغيرها سببها كويتي، استقدم هذه العمالة لشركته او باسمه الشخصي وتركها تواجه مصيرها ضاربا بمصلحة الوطن وسمعته عرض الحائط.
ارتفاع اسعار الأعلاف بما يجاوز سعر التكلفة سببه كويتي يحمل بطاقة الاعلاف ولا يمتلك اغناما ليقوم ببيعها على الوافد ليتلاعب ببورصة الاسعار على مزاجه.
سكن العزاب بمناطق الكويت المختلفة، سببه كويتي يقوم بتأجير منزله او الملحق التابع له، ويتحمل الوطن والجار تبعات ذلك من مشاكل.
وجود البقالات داخل السكن الخاص سببه كويتي لا هم له إلا التكسب متناسيا القوانين والقرارات التي تحظر ذلك.
الراشي والمرتشي كويتيان عند انتخابات مجلس الأمة رغم لعنة الله عليهما ومخالفة القانون.
من يقوم بالواسطة للمجرمين وتجار المخدرات والخارجين عن القانون هو كويتي يرى مصلحته قبل مصلحة الوطن.
الشتائم وتبادل الاتهامات بين الكتّاب وعرض بعض المواضيع والآراء بالصحف التي بسببها ينبع الخلاف مع بعض الدول الشقيقة والصديقة سببها مالك الصحيفة وكتابها وهم كويتيون.
عدم وضوح الرؤية المستقبلية والتخبط بالقرارات وتنفيذها وعدم الالتزام بالدوام سببها كويتي موظفا كان أو نائبا أو وزيرا.
ويستمر الحال على ما هو عليه إلى ان يقضي الله امرا كان مفعولا.
سيبقى الالتباس الفكري مسيطرا علينا ما بين نواب لا يريدون وزراء تأزيم، ووزراء لا يريدون نواب تأزيم، وما بين حانا ومانا ضاعت لحانا، فكل طرف يستمر باتهام الطرف الآخر، علما بأن ربان السفينة اصدر أوامره، وطلب العمل لمصلحة الكويت، لذا فإن المطلوب من الجميع طاعة ولي الأمر وتنفيذ رغبته حتى لا نصل في النهاية الى طريق لا منفذ له، فبدلا من تبادل الاتهامات والقاء تبعات المسؤولية من طرف على آخر والسعي لإغلاق المخارج الوفاقية، ليت الجميع ينبرون لحل الأزمات واعطاء فرصة للحوار والتركيز على الأولويات حتى نضمن الاستقرار والنماء، ونقول كفانا أزمات وتخبطات فالكويت وشعبها يوجهون صرختهم وبصوت عال لمجلسي الوزراء والأمة مرددين أغنية الفقيد غريد الشاطئ «كفاني ما وصل منكم كفاني».
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.