عندما نفكر في الحياة الطبيعية البسيطة التي كان يحياها أجدادنا وآباؤنا وما صاحبها من اجساد سليمة جعلتهم بمنأى عن الأمراض، نستحضر ماهية تلك الحياة واسلوب التغذية السليم الذي كانوا ينتهجونه علّنا نعود اليه ونتأسى به بعد ان اثبتت الدراسات والبحوث الطبية الحديثة مدى المخاطر الكبيرة التي عادت علينا بها الحضارة المعاصرة وما أفرزته من ثقافة استهلاكية أخطرها تلك الوجبات التي اصبحت تمثل تهديدا صحيا على حياة أطفالنا وشبابنا.
فهذه الحياة العصرية البراقة وما صاحبها من تطوير لسلوك واسلوب التغذية غير الصحية غدت لا تنفع، بحيث اصبح الغذاء بلا فائدة ومصدرا لكثير من الأمراض، فالمرء اعتبره شعار المدنية وأخطأ في ذلك وخرج عن الطبيعة في غذائه متصورا ان ما فعله هو الصواب والمناسب لهذه الحياة العصرية، وحينما ظهرت الأمراض الفتاكة نتيجة ما صنعه المرء بغذائه وشرابه بدأ أصحاب العقول بالتدبر والعودة الى الحياة الطبيعية في الغذاء ومازال الكثير يسبح في حياته اللاهية غير مدرك أين هو الا حين تداهمه الأمراض الناشئة عن هذا الغذاء فتصيبه الدهشة عندما يكتشف وجود علاقة بين غذائه ومرضه، فالغذاء الجيد ليس فقط لاستمرار الحياة، انما ايضا لوقاية الانسان من الأمراض ومصدر للصحة والسعادة.
ولقد أكدت الدراسات الطبية ان الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية تضع الانسان في موضع الخطر والاصابة بالأمراض الكثيرة وأخطرها أمراض القلب والأوعية الدموية والكبد وداء السكري وغيرها، أبعدها الله عنا وعنكم.
كما ان مشكلة السمنة ناتجة عن تناول هذه المأكولات المشبعة بالدهون والتي يزداد طردا عدد المصابين بها، لاسيما من شريحة الأطفال والشباب بحيث وصلت الى مستويات خطيرة، فلنترجم مقولة «الوقاية خير من العلاج» ولنق أنفسنا مما سيؤثر على صحتنا.
فلابد من ادراك ومعرفة مدى تأثير هذا النمط الغذائي المستورد على حياتنا في ظل غياب وعي شبه كامل بالآثار الصحية الضارة التي تنتج عن هذا الاسلوب الغذائي الطارئ على عاداتنا الغذائية، فالضريبة التي يدفعها مستهلكو تلك الوجبات باهظة، لأنها تدفع من صحتهم، فتحضير تلك الوجبات السريعة يستدعي استخدام مواد مضافة وكيماويات لا يعلم خفاياها الا الله تعالى، ومع هذه السرعة ليس هناك وقت كاف لمراقبة الجودة ومتابعة السلامة في المواد المستخدمة وطريقة الطهي ناهيك عن الجانب الاجتماعي السلبي ايضا الذي تجلى في التغيير الجذري للعادات الاجتماعية والتقاليد الأسرية، حيث كانت فترة الغداء أو العشاء مناسبة يومية لاجتماع عائلي لم نعد نراه اليوم، فكل فرد من أفراد الأسرة يطلب وجبته متفردا في غرفته، ناهيك عن الجانب الاقتصادي وتأثيره على ميزانية الأسرة من تبديد أموال لا طائل لها بحيث غدا رب الأسرة يحسب حساب تلك المطاعم قبل حساب فواتير الخدمات والعلاج والدراسة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الوجبات السريعة انحسارا في الغرب وأميركا بسبب الأخطار الناجمة عنها نجد العكس هو المتبع لدينا، الأمر الذي يحتاج الى ندوات وبرامج صحية وحملات توعوية وتحذيرية تعمل على تبيان مخاطر تلك الوجبات السريعة وما تتضمن من سعرات حرارية ونسبة كبيرة من الدهون - وان اضفت مذاقا لذيذا على تلك المأكولات الا انها سرعان ما تتحول لداء يهدد صحة أجسامنا - حتى يتسنى للمستهلك العلم المسبق بمدى خطر ما يتناوله، فلعل تلك المبادرات تحد من الاستهلاك المحموم لهذه النوعية السلبية من الغذاء، فالمطاعم السريعة زينت لنا المأكولات الضارة حتى ابتعدنا عن النافعة وغدونا نقاسي امراضا ما هي الا أمراض المدنية الزائفة.
لدينا طموح بأن يتشكل لدى المواطنين وعي صحي وغذائي يبين مدى أهمية العودة الى الفطرة الطبيعية والغذاء الصحي ليعود الجسد للتكامل وهذه هي الحياة التي أرادها الخالق لعباده لنضمن لأجيالنا تنشئة صحية طبيعية فيكونوا سندا لوطنهم لا عالة ثقيلة عليه، فليتنا نعود الى المائدة الكويتية الصحية القديمة التي لا تزيد عن صنف أو صنفين من الطعام.
ولايزال بالإمكان التغيير من اسلوب التغذية، فالصحة أمانة من الله عندنا فلابد من الحرص عليها، سائلين العلي القدير ان يلهمنا الوعي والادراك لحفظ هذه الأمانة، وقانا الحفيظ واياكم من شر الأمراض وآلامها.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا