التصحر آفة خطيرة لابد من مكافحتها، لما لها من أثر سلبي أدى الى تدهور الأرض والحياة النباتية والتنوع الحيوي نتيجة فقدان التربة الفوقية ومن ثم تناقص قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي، ويؤثر التصحر تأثيرا سلبيا على الزراعة حيث يؤدي الى انحسار المساحات المزروعة، علاوة على ضرره المناخي والصحي، كونه المتسبب في إثارة الرياح والأتربة في الصحاري والأراضي الجافة ودفعها الى المدن وحينما يتم استنشاق تلك الأتربة تزيد معدلات الأمراض، بالاضافة الى تأثير عوامل الطقس على عملية التصحر فإن العوامل البشرية أيضا لا تقل شأنا وتعتبر سببا جوهريا فيه، وأهمها الاستغلال المفرط وغير المناسب للأراضي مما يؤدي الى استنزاف التربة وكذلك إزالة الأشجار التي تعمل على تماسك تربة الأرض، والرعي الجائر الذي يؤدي الى حرمان الأرض من نباتها بالاضافة الى أساليب الري الرديئة.
ولابد من استشعار القلق الناجم من زحف التصحر لما له من أخطار بيئية واقتصادية واجتماعية وحضارية، لاسيما ان التنمية في مفهومها الحضاري تجاوزت النمو الاقتصادي الى الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، فغدا من الضروري تعزيز البحوث لدورها المهم في التخطيط وتنمية الموارد الطبيعية، إذ إن أسباب التصحر كانت مازالت تحتاج الى اعتماد البحث العلمي في تقويمها وتصويبها للوصول الى النتائج الأفضل ويجب ان يتم توفير جميع المستلزمات من تمويل كاف وإدارة علمية وتجهيزات وكوادر مؤهلة ومستقرة.
فالعمل على مكافحة هذه الظاهرة بات ضروريا، ولزاما على الجهات المعنية القيام بإعداد البرامج التي تهدف الى التعرف على العوامل المساهمة في عملية التصحر والاعتماد على خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال، والتخفيف من حدة أثر الجفاف والعمل على اعتماد أساليب لتحسين مستوى البلاد من حيث علوم الأرصاد والطقس والمياه ومن حيث التنبؤ بجفاف قادم وتقوية امكانات البحث العلمي والتدريب في مجالات التصحر والجفاف وعمل برامج تدريب للحفاظ على الموارد الطبيعية والاستغلال الدائم لها، مع توفير التدريب والتكنولوجيا المناسبة لاستغلال مصادر الطاقة البديلة وتنظيم حملات توعية للمواطنين وتطوير مناهج الدراسة وزيادة توعية الكبار بأهمية الحفاظ والاستغلال الملائم وحسن ادارة الموارد الطبيعية والمياه في المناطق المصابة بالتصحر مع المحافظة على التربة وصيانتها من عوامل التدهور والحفاظ على الغطاء النباتي وتحسينه وتحديد أفضل الطرق لاستثماره، فالغطاء النباتي يعتبر المرآة الواضحة التي تعكس حالة التصحر وتأثيرها في البيئة والتنوع الحيوي وتهيئة جميع الظروف اللازمة لجعل الإنسان مؤهلا لتحقيق الاستثمار الأمثل للأنظمة البيئية، وتركيز الجهود لاستصلاح الأراضي ومكافحة تملح التربة، لإعادة تأهيلها وإدارتها.
ونشدد على أهمية توعية المجتمع وادخال مادة التوعية البيئية في المناهج الدراسية والتعاون على كل الأصعدة سواء على الصعيد الفردي أو المحلي والقطري والإقليمي، مع تحسين استخدام واستغلال الموارد الطبيعية والأخذ بعين الاعتبار استدامتها للأمد البعيد، والقيام مع الجهات المعنية بإجراءات متكاملة لاستخدام الأراضي بحيث تضمن على المدى القصير إعادة تأهيل الغطاء النباتي وخاصة في المناطق الهامشية والاستفادة بشكل كبير وخاص من أنواع النباتات المتأقلمة مع البيئة المحيطة بنا، والعمل على إصدار وتفعيل القوانين ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالتصحر وتطوير تلك التشريعات واحترامها والعمل على تنفيذها ووضع جميع الامكانات اللازمة لذلك ومن أهم العناصر التي بات من الضروري تحديث قوانينها تلك التي تتعلق بالبيئة والتشريعات المائية التي تنظم عمليات استثمار وإدارة المياه والأراضي الزراعية.
ونشير الى دور الأسرة في نشر الوعي البيئي وحماية البيئة ومواردها الطبيعية فمثلا القيام بمنع قطع الأشجار وعدم التعامل مع الملوثات الضارة والتوعية في مجال استخدام المياه وعدم تلويثها وترشيد استهلاكها من أجل خلق جيل بيئي حريص وواع على بيئته آملين ان تتكاتف الجهود وتتعزز المشاركة الفعلية من الجهات المعنية لتكريس مفهوم الوعي البيئي والعمل معا للقضاء على ظاهرة التصحر السلبية للحفاظ على مصلحة الوطن والمواطن.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا