«أهلا وسهلا بك في مطار رفيق الحريري الدولي».. جملة بسيطة تسمعها وتفتخر بهذا المطار الجميل والأنيق لدى وصولك الى لبنان. تخرج منه لتركب التاكسي وإذ بالارض تهوي بك.. «ما هذا يا معلم».. لا عليك هذه حفرة صغيرة، يا أهلا وسهلا فيك. تسير بضعة امتار أخرى فيظلم الشارع فجأة.. «ما هذا يا معلم».. لا عليك لقد انقطع التيار الكهربائي. وتمضي في طريقك فتصدم باعتصامات وحرق إطارات. «ما هذا يا معلم»؟ لا عليك انه اعتراض بسيط من الاهالي على قطع الكهرباء.
وأخيرا، تصل الى المكان الذي تتوجه اليه بعد مشاهدتك فيلم «اكشن» مجانيا فتسأل السائق.. «كم تريد يا معلم»؟ فيجيب: اللي بيطلع منك بس والله تنكة البنزين بـ 32 ألف ل.ل (أكثر من 6 دنانير) والحياة صعبة.. اهلا وسهلا بك في لبنان.
سيناريو أكثر «ايلاما» يعيشه اللبناني يوميا دون ان يلتفت اليه احد، تحرق الاطارات «عفويا الى الآن» لتزيد من حرارة الجو، تزامنا مع سخونة الاوضاع في الغرف السياسية التي ركبت لها مكيفات «سورية ـ سعودية» لترطيب الأجواء.
تتوسع الحركات المطلبية يوما بعد يوم في القرى والمدن الشيعية والسنية والمسيحية على حد سواء. والخطر يداهم الجميع رغم ازدياده على رئيس الحكومة سعد الحريري وقوى الرابع عشر من آذار التي ستفقد مواقعها مع أول سقوط او تعديل حكومي بعد تغيير جنبلاط لموازين الاكثرية والاقلية. الا ان «حكومة كل لبنان» مؤلفة من جميع القوى السياسية وجميعهم يتحملون المسؤولية دون استثناء.
ومع اقتراب العام الدراسي والتحضير لفصل الشتاء البارد ما يزيد من اعباء المواطن ودخول البلد في دوامة «البطون الخاوية»، ثمة من يسأل عن السبب الذي يحول دون ان تعقد الحكومة جلسة طارئة تحدد فيها أولويات المرحلة وتعتمد «اجراءات عاجلة» لتخفيف حدة المأزق المعيشي، قبل أن تنفجر قنبلة هذه الثورة الصامتة الـ «موقوتة» قريبا، خاصة ان لبنان مقبل على استحقاقات سياسية مفصلية يمكن ان تستغلها بعض القوى بسهولة لتحريك الشارع من باب الوضع المعيشي المزري لإسقاط الحكومة على غرار ما حصل مع حكومات «عبدالله اليافي في 8 يناير 1969»، و«رشيد كرامي في 25 ابريل 1969»، و«تقي الدين الصلح في 26 سبتمبر 1974»، و«نور الدين الرفاعي في 26 مايو 1975»، و«عمر كرامي في 10 مايو 1992»..
فهل نحن أمام «ميكس» من «المحكمة الدولية + الوضع المعيشي» قد يوصل الحكومة الى الاستقالة في بلد واقف «على الصوص ونقطة» منذ نشأته؟