قد يكون من باب المصادفة أن يجمع شهر فبراير ايران والكويت في الاحتفالات والأفراح وإبداء السرور الذي يعم شوارعهما وأزقتهما ومدنهما وضواحيهما، حيث يحتفل الإيرانيون في مطلع فبراير بقدوم الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائد الثورة الإسلامية في إيران بعد أن وطأت قدماه أرض الوطن في عام 1979، ولم تمض أيام حتى انتصرت الثورة في 11 فبراير بقيادة الإمام الراحل ودعم الشعب الإيراني بكل أطيافه وتزامنا مع احتفال الشعب الإيراني تحتفل الكويت في شهر فبراير بنفس المشاعر، حيث يرى هذا الشهر مناسبة للاحتفال بعيدي الاستقلال والتحرير في كل سنة مضت، والطريف في الأمر ان الاستقلال والتحرير يعدان من الأركان الثلاثة في الثورة الإسلامية وهي الاستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية.
ولو قلنا ان باب المصادفة الجميلة جمع العيدين الإيراني والكويتي في شهر واحد حيث يبدأ بإيران ويستمر وينتهي بالكويت، وإن للبلدين تزامنا في الأفراح والسرور فإن هناك شيئا يتعدى الرمزية لا يعد من باب المصادفة في جمع البلدين.
ان هذه هي القواسم المشتركة التي تجمع البلدين حيث تبني الدولتان رؤيتيهما عليهما من الدين والثقافة والتاريخ والجغرافيا والجيرة والنسب والعرق والدم والمصاهرة والتجارة والاقتصاد والغوص والشعب لتصل الى أجزاء مهمة في السياسة والتطلعات المشتركة نحو استتباب الأمن والسلم في المنطقة وازدهار الإقليم والنهوض به في مجالات عدة سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية واجتماعية نحو بناء اقليم مزدهر يقدر أن يؤدي دوره في النظام العالمي ويتلمس مكانه في بناء مستقبل مشرق، كذلك الرؤى الحقيقية لكلا البلدين في مواجهة المخاطر التي يواجهها الإقليم والتحديات التي يعيشها وإدراك كل منهما في سعي دؤوب لإزالة بؤر التوتر وما يهدد مصالح الإقليم إذ أنشبت الطائفية أظفارها وكشرت الرؤية التكفيرية عن أنيابها لتمزق جسد الأمة وتدمر بناها وتهلك الحرث والنسل وتجعله هشيما تذروه رياح التشرذم والفرقة والحروب والعواصف.
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة الكويت في تعاملهما في إطار الزيارات والرسائل المتبادلة ومنها زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى دولة الكويت ورسالة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أثبتتا أن اتخاذ موقف قوي مبني على الحوار والتعاون والتكاتف كفيل بحل قضايا الإقليم وجعلها في مسار صحيح، والإقليم ينظر الى حوار إستراتيجي بين أبنائها وهو المخرج الوحيد مهما تعد الأمور صعابا والسنوات عجافا فإن عظائم الأمور تصغر في عين العظيم وتنجز الحكمة والتدبر والحنكة والأمل ما عجزت عنه الجيوش الخضارم.
د.علي رضا عنايتي
سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية