أمينة العلي
اعتاد الناس في فترة الصيف على التنقل والترحال والسفر، والرحلات صارت شيئا أساسيا ليس في فصل الصيف فقط ولكنها صارت عادة طوال أيام السنة، بل صارت من اكبر متع النفس والعقل والحس، فعن طريقها يجدد الانسان نفسه ويضيء عقله ويستكشف الجديد، ويرى القريب، فيدور في أعماقه كثير من الحوار الخصب وتدور في ذاكرته صور من المقارنات بين ما اعتاد وما ألف وبين ما تخيل وما رأى، ومن هنا كان اهتمام الناس بهذا اللون من الأدب، أقصد أدب الرحلات.
انه ذلك النوع من الفن الذي يجعلنا نجوب العالم ونحن في مكاننا لم نبرحه.
أدب الرحلات يكون أمتع ما يكون الأدب وأرفع ما يكون الفن. حينما يكون الإنسان واسع الأفق صادق الرؤية فإنه سيستمتع ويرى ويسمع ويحس ويختلف عن غيره ممن لم يخض هذه التجربة.
قمت برحلة الى اوروبا وزرت فرنسا وانجلترا وايطاليا وسويسرا وألمانيا، وبعض بلاد الشمال فرأيت اوروبا الحضارة ورأيت اوروبا التي تخطف الأبصار ببريق حضارتها الشامخة، رأيت فيها جمال الطبيعة وجمال الانسان ولكنني لم اكتف بأن اراها من الخارج، فرحت أبحث ببصري وفكري عن الاسس التي قامت عليها تلك الحضارة الشاهقة ورأيت فيها جوانب سلبية واخرى ايجابية، رأيت الترف الذي يبلغ حد الخيال، ورأيت الشقاء في بعض البلاد يصيب قطاعات كبيرة من الناس.
رأيت الشباب الضائع بين متع الحياة حتى تخيلت انه على حافة الهاوية والانهيار ورأيت من هؤلاء الشباب أنفسهم من يخوض المعارك من اجل انهاء الحروب ومن اجل حل القضايا الانسانية.
ووقفت في تأمل العاشق امام آيات الفنون الجميلة زرت المسارح ودور السينما وتمتعت بجمال الطبيعة والتقيت بالعامل والمثقف وزرت الفلاح الانجليزي في بيته، وحلمت بأحلام ذهبية لأهل وطني، وتقابلت مع الأفاقين الذين يجمعون المرتزقة لاشعال الثورات، وجلست مع الرئيس الاميركي جورج بوش ومع الزعيم حسن نصرالله في جنوب لبنان، كل هذا ولم افقد توازني ولم يختل ميزاني، كل هذا وانا جالسة على مكتبي وبين يدي كتاب صغير من سلسلة اقرأ في رحلة شائقة الى عدد من بلاد اوروبا اطلعت عليها من خلال نافذة نظيفة من الزجاج وعيون قادرة على الرؤية السليمة.
انها فعلا متعة، حيث تمتعت برحلة سفر جميلة وانا جالسة على كرسي مكتبي اقرأ كتابي المفضل.
إضاءة
لمن البكاء؟ لم يعد من حق المرأة ان تبكي بدون سبب وبدون شيء يستحق فعلا البكاء، العلم الحديث اثبت ان المرأة ليست ارق اعصابا من الرجل واثبت حتى ان الغدد الدمعية فيها ليست بطبعها اكثر سخاء، فلماذا تبكي المرأة اكثر من الرجل؟
الإجابة هي انها كانت في الماضي مقهورة ومغلوبة على أمرها، اما اليوم فلم تعد كذلك وبصفة عامة، لم يعد هناك داع للبكاء، في الماضي كانت تستخدم المرأة لتجفيف دموعها منديلا من قماش دانتيل مطرزا مزينا بالترتر ليزيد البكاء اناقة، اما الآن فاختفى هذا المنديل ليحل محله الـ «كلينيكس» الذي تنقصه الأناقة، وتستخدمه المرأة في ازالة العرق والغبار وبقايا المكياج ولكن يندر ان تحتاج اليه في تجفيف دموعها.
البكاء حق مكفول للجنسين معا، فمن الخطأ مثلا ان نعلم الطفل الصغير ان يحبس دموعه وهو يتألم ونقول له ان البكاء ليس من صفات الرجال، اننا عندما نفعل ذلك انما نحرمه التعبير عن شعور حقيقي وبذلك تبدأ احدى خطوات التعقيد والتي تستمر معه مدى الحياة.