أمينة العلي
ان الصداقة هي النافذة التي تتيح لنا فرصة استنشاق نسيم الحياة، وان نعيش لحظات حلوة حافلة، ليس فيها فراغ او ملل، واذا كانت الحياة تحملنا فوق صدرها فلا اقل من ان نفتح صدورنا للذين يعيشون معنا ويشاركوننا هذه الحياة بحلوها ومرها.
الصداقة فن يقوم على الحب، والحب هو الذي يدعونا الى ان نمد ايدينا الى من نحبهم.
وان نفتح لهم ابواب قلوبنا وان نعطيهم من حبنا قدر طاقتنا، ان هذه الوسيلة هي التي تجذب قلوب المحبين لنا وتجعلهم يتعلقون بحبنا ويتمسكون بصداقتنا.
لكن في طريق الصداقة صخورا قد تفقدنا كل مكاسبنا، واول صخرة هي محاولة تأثير الآخرين علينا عن طريق عدم الثقة بنا، وهذه الطريقة تعطي تأثيرا عكسيا، والصخرة الثانية هي عدم التحري عن حقيقة امر ما حدث بين الاصدقاء، وهنا ماذا يكون موقفنا لو اساء الآخرون التصرف في بعض المواقف؟ اعتقد ان الصداقة مثل الحب في حاجة الى تضحية وفي حاجة الى بذل مجهود دون ان ننتظر المقابل، وقد يسيء الينا بعض الناس مرة لكنهم عندما يجدون ان موقفنا منهم لم يتغير فإنهم سيراجعون انفسهم ويدركون خطأهم، وبذلك تكبر صورتنا في اعينهم.
لكن الصداقة متى نشأت تحتاج الى مبادئ حتى تستمر في الازدهار والبقاء، حيث ان الهفوات يمكن ان تدع مجالا للشكوك التي من شأنها ان تحطم العلاقة البريئة وتقضي على الثقة بها، فعندما تكتشف الصديقة ان صديقتها التي وثقت بها وحرصت على ان تكون لها صلة بها واضحة تحاول ان تشوه روعة الصداقة بأوهام مختلفة فإنها بلا ادنى شك لن تمنحها مودتها وتقديرها مرة ثانية، وبالمثل اذا اكتشفت الصديقة ان صديقتها التي تعتز بصداقتها تلعب في الخفاء دورا تستهدف به تحطيم ثقتها بنفسها وتحطيم معنوياتها لافكار ليس لها في الحقيقة مكان الا في مخيلتها فإنها لن تأمن لها بعد ذلك.
ان الصداقة بين فردين اذا حققت اهدافها كانت عنوانا ساميا لحب واخلاص كل منهما للآخر فلا يعاني ضغوطا ولا يئن تحت وطأة المخاوف والاوهام ولا يعيش في ظلمات الضلالة والضياع، ومثل هذا النوع من الصداقة يكون قادرا على الصمود.
والسعادة الحقيقية في الصداقة هي ان نفتح للصديق قلوبنا وعقولنا ونتقبله بالمنطق والعاطفة والعقل، ونتحاور معه بالصدق والوعي والمشاركة الحقيقية النابعة من اقتناع الاعماق بأن الطرف الآخر يصلح لأن يكون صديقا وفيا لرحلة الحياة.
ولا احد يستطيع ان يناقش حكمة الصداقة لأن من يفعل ذلك كمن يقف امام تيار النهر المتدفق يتصور انه يستطيع ان يمنع تدفقه اذا اعترض سبيله، والذي يحدث ان النهر يظل في جريانه وسريانه، فمنذ قديم الزمن وقصص الصداقة تتجدد وقد تختلف صورة الحياة الاجتماعية من عصر الى عصر ومن مجتمع الى آخر، لكن في كل الازمان والظروف يرتفع صوت الصداقة المخلصةمعبرا عن وجوده مؤكدا انه صوت الحياة.
إضاءة
عندما يدق الحب على ابواب القلوب وتستجيب لندائه، فإننا عادة نغمض اعيننا ونحن نستقبل عبير الحب ونفعل ذلك بطريقة تلقائية ودون ان يقول لنا احد ان ارتعاشة الحب يجب ان نغيب فيها عن الدنيا من حولنا وان الوسيلة لذلك ان نغمض اعيننا ونحن اذا اردنا ان نتساءل لماذا نفعل ذلك حقيقة فإننا نجد ان هذا التصرف التلقائي الذي يعرفه كل انسان بلا تجربة سابقة وبلا معرفة مسبقة انما هو محاولة من جانب كل واحد منا لكي يترك الفرصة امام الخيال فيبتعد عن الواقع، ويعانق الاحلام، وربما كان هذا هو السبب في انهم يقولون ان الحب اعمى ذلك لأننا عندما نلتقي بالحب فإننا نعيش فيه دون ان ننظر اليه، نعانقه دون ان نشاهده.