أمينة العلي
أيام زمان عندما كانت المرأة تعتمد على الرجل في كل شيء، في قوتها وحياتها وأمانها، ومن غيره كانت تسقط المرأة الى سابع ارض... كان المثل السائد آنذاك يقول «ظل رجل ولا ظل حائط» الا انه في بعض الاحيان يكون ظل الحائط أحسن وأبرك ألف مرة من ظل الرجل. أما الآن فأعتقد ان الصورة تغيرت، فالمرأة تعمل وتتعب وتتحمل المسؤولية وصارت شريكة للرجل في كل مكان، لكن للأسف حكاية ظل الحائط مازالت سائدة في بعض الاوقات ولكن رغم ذلك لا أنكر ان هناك بعض الرجال يعولون أسرهم ويقومون برعاية ابنائهم وبناتهم.
وهناك نموذج أطلق عليه الرجل الغريب الذي يجلس بين أسرته ومجتمعه وكأنه «سي السيد» في فمه ملعقة من ذهب يشخط وينطر فتطيعه المرأة التي تخرج للعمل وتأتي له بالمال وغالبا ما يجحد هذا النموذج كل ما تفعله المرأة التي هي زوجته، ويبحث عن اخرى اكثر مالا ولا يهمه غير ذلك.
كنا ثلاث صديقات جالسات نتحدث حول هموم الحياة، واذ بإحدانا تسرد علينا قصة جارتها «المدرسة» والتي هي امرأة في منتصف العمر محجبة متدينة قالت عنها انها تتمتع بسمعة طيبة بين زميلاتها في المدرسة التي التحقت بها وتتقاضى راتبا ودخلا اضافيا من الدروس الخصوصية المنتشرة غصبا عنها وبالصدفة قابلت الرجل الذي أصبح زوجها بعد ذلك، تقول جارة صديقتي، تزوجته وانتقلت معه الى الكويت حيث انه يعمل ايضا مدرسا، وجدت انه قد أعد لها برنامج عمل مكثفا صباحا بالمدرسة ومساء بالدروس الخصوصية، وتقول المدرسة رغم كثافة العمل، المتواصل الا انها وخلال خمس سنوات أصبحت أما لثلاثة أولاد بنت وولدين، وتواصل حديثها قائلة انها عاشت بالكويت ما يقارب عشر سنوات، ولم تر أهلها خلال هذه الفترة الطويلة وكان زوجها يسافر الى بلده ويتركها مع اولادها رغم الحاحها المتواصل على ان تسافر معه من أجل رؤية أسرتها.
لكن كان دائما يرفض وباختصار انتهى عقد الزوج وعادت الاسرة بأكملها الى بلادهم بعد سنين الغربة، وفي بلده ظهر على حقيقته اكثر حيث علمت الزوجة ان زوجها كان متزوجا من اخرى قبلها وله منها عدة اولاد رغم انه كتب في عقد الزواج ان هذا هو زواجه الأول وسفره بمفرده كان من أجل ألا تكتشف الزوجة سر زواجه قبلها، طبعا حدثت المشاكل بين الزوجين وعندما طالبته بمدخراتها التي جمعتها معه في بلد الغربة كان رده النكران مدعيا ان ما يملكه من مال يستثمره في مشاريع تجارية، وهذه المشاريع لا تعرف عنها الزوجة اي معلومة. ثم تعرف الزوج على سكرتيرة تعمل في شركته وأحبها وتزوجها وطلق الزوجتين دفعة واحدة، وقطع عنهما المصروف، وطبعا هذا كان الشرط الاول للسكرتيرة لكي ترضى وتوافق بالزواج منه، تزوجها وأنفق عليها من مال زوجته المدرسة بسخاء.
وتستكمل صديقتي -سائلة على لسان جارتها - هل هذا هو الشرع والقانون؟
تقول هذه المسكينة رضينا بالقسمة والنصيب لكن ما ذنب اولادي انهم كبروا واصبحوا الآن بالجامعات ويحتاجون لمن ينفق عليهم، لذلك رفعنا قضية نفقة عليه، فصرف لنا فتات الفلوس التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وتستكمل صديقتي حديثها على لسان جارتها قائلة: ماذا تفعل مع هذا الرجل الذي لا ذمة له ولا ضمير؟
الى هنا انتهت القصة بنهاية غير سعيدة بعكس الافلام العربية والتي يتعمد المخرج ان تكون النهاية فيها سعيدة ويتزوج البطل من البطلة، هذه الأسرة لا ذنب لها سوى ان الزوجة كانت مخلصة اكثر من اللازم وكانت تحب زوجها وتثق به، كانت تعمل وتتعب وتربي اولادها وتتحمل المسؤولية من أجل جمع المال الذي لم تهنأ به، تسألني صديقتي هل هناك نموذج من الرجال أسوأ من هذا الرجل؟
أقول لصديقتي لا أعتقد، لأن هذا هو مثال للظل الزائف لقد تزوج هذه المرأة والتي تغربت معه لأنه وجد ان زواجه منها صفقة رابحة واعاد زوجته الاولى الى عصمته كي يجمع شمل اولاده وتزوج من الثالثة حتى يعيش مراهقته.
انه يتمتع بأخلاق النصابين وهو مثال واحد من كثير من الرجال الذين نتحدث عنهم انه في بعض الاحيان يكون ظل الحائط أبرك وأحسن ألف مرة من ظل الرجل... انتبهي أيتها الزوجة.