أمينة العلي
ظللت مدة طويلة وأنا أبحث في قاموس حياتنا عن معنى كلمة «الفرح» وأخذت أستحضر هذا المعنى وبت أحلم به واعتبرته حلما لأن الحزن في حياتنا طاغ، والاكتئاب كبير، لو كان بيدي لطلبت من حكومتنا الموقرة ان تعين وزيرا للفرح، حيث سيكون دوره ومهامه من أهم الأهداف في القيود والأغلال، وسيكون من مهام وزارة الفرح بث أشعة الأمل ورسم الابتسامة الصافية وليست الصفراء المصطنعة في نفوس الناس، اعتقد لو تحقق ذلك فإن الناس سيصبحون خلية نحل تقطر عسلا وتعمل وتعزف بحماس وقوة. لكني أحذر حكومتنا من اختيار الوزير النكدي الذي يضع كل همه في الوقوف ضد رغبات الناس.
كلما رأيت وشاهدت عبر قنوات التلفزيون المهرجانات التي تقام في الدول الأوروبية وكيف أنهم يطوفون الشوارع فرحين، تذكرت بغصة مهرجانات النكد والخلافات داخل مجتمعنا وتساءلت بيني وبين نفسي هل في تكوين المجتمع الكويتي شيء ما يجعله يحول الفرح الى نكد؟
تجميد كوادر الأطباء و«الكويتية» والنفط، واتخاذ الحكومة موقفا حاسما ازاء المطالبات المالية وعدم الموافقة على أي من الكوادر المعروضة خطوة ايجابية مفرحة، لأننا لا نرضى بتهديد المصالح الحيوية عبر توقيف وشل المصالح العامة، وكذلك خطوة فيها عدالة للجميع لكن كل من يهمه أمر الكوادر والمطالبة بزيادة الأجور أصابهم الحزن والكآبة عقب صدور الأمر السامي من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله.
قرأت بيت شعر للشاعر الإنجليزي (شيلي) يقول «أحمل بين جوانحي شهوة لإصلاح العالم ولهذا تقطر أبياتي حزنا». لذلك أنا ضد المرح الملوث والضحك الاكتئابي الذي نحس به ونحن نرى الخلافات في مجتمعنا انني أؤمن بأن الحزن المبدع شيء والحزن الراكد في القلوب شيء آخر. الحزن الراكد تصنعه ظروف المجتمع ويعصره اقتصاد مريض بمرض مزمن، اقتصاد يحتاج الى خلية من الأطباء لعلاجه.
نحن شعب لا نعرف كيف نمرح ونضحك ونطارد الاكتئاب من دون عوامل خارجية، وحين أناقش قضية الفرح في حياة أمة فأنا أناقش قضية بناء البشر. نعم أعرف أن هناك في الحياة أشياء تنكد علينا وتحبطنا وتثير مشاعرنا، ولكن يجب ان نتذكر أن هناك الكثير من الشعوب أقل منا بكثير فبعضها مبلية بزلازل وبراكين وفيضانات وسيول وكوارث طبيعية، وبعض الشعوب مبلية بالفتن والاضطرابات والإرهاب ومع ذلك لديهم القدرة على الإفلات من الأحزان.
انها شعوب تصنع بهجتها بأدائها وتحول أحزانها الى شلال من المرح والفرح.
أحلى جنون هو تكسير الجمود الذهني ولنضحك من العقل لأنه أسمى من الضحك من القلب، أحلى جنون للضحك في ابتسامة مقطرة للأذكياء فقط محاولة لانطلاقة عقل وأذن وعين ولسان تستعملها لنشر الحق والعدالة للجميع.