أمينة العلي
ما دفعني إلى كتابة هذه السطور هو ما نعيشه من تناقضات ومفارقات يتوقف امامها الانسان ويشعر بالحيرة والاشفاق على ما انتهى اليه حالنا اليوم، حيث اصبحنا في آخر الطابور، فنحن نقف موقف المتفرجين تجاه اخص شؤون حياتنا وحياة وطننا، ورغم ذلك مازلنا نمارس فضيلة الديموقراطية والتغني بتاريخنا العريق ونسينا اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين لأننا نسلك عكس ما يعنيه معنى كلمة الديموقراطية التي يجب ان يمارسها الجميع فقوانين هذا الوطن ليست حكرا على فئة دون أخرى، فالبعض يرى الديموقراطية ويطبقها من وجهة نظره فهل بذلك اصبحت الديموقراطية في بلادنا عرجاء لا تسمح للرأي الآخر بأن يتواجد؟ واصبحت ايضا عوراء وبعين واحدة تعاف البعض بحجة ان هذا الوضع يرتبط بالشرع والدين.. والشرع والدين منها براء فحين نطالب بحقوقنا او نشارك بوضع القرار يلوح لهذا البعض بالدين ويستغفر عنا خطيئة مطالبنا لأننا اخطأنا في المحرمات مع ان في ذلك افتراء على الدين والقيم وظلما كبيرا، حيث ان الله سبحانه وتعالى كرم المرء وجعل قيمته في سلوكه وأفعاله.
ومع كل ذلك مازال البعض يحارب المرأة في كل ما تقدم من اعمال جليلة نفتخر بها وهنا لابد لنا من وقفة نحاسب فيها انفسنا، لاسيما بشأن الخلط العجيب بين مفهوم الديموقراطية والضحك على الذقون والآن اسأل ماذا يريد «الدون كيشوتيون» ببحثهم الدائم عن معركة وهمية بين الرجل والمرأة، خصوصا واننا في القرن الحادي والعشرين وهنا حري بنا ان نسأل الى متى ستظل المرأة تشعر بالاضطهاد؟ والى متى ستظل تحس بالمذلة في عقر دارها وتستنجد من اجل الحصول على حقوقها وهناك قضية مهمة علينا اولا ان نتجاوزها ونخرج منها عند الحديث عن منع الاختلاط بالجامعة وبالمدارس الاجنبية الخاصة وهي قضية تدخلنا في سرد الفوارق بين الجنسين بصورة استهلكت الكثير من طاقاتنا واوقاتنا فنحن بالتأكيد نتجاوز الهدف المباشر حين نبدأ دفاعنا عن هذه القضية من خلال الهجوم على من طرحوا مثل هذه القضية فإن الاستطراد والوقوف عندها طويلا سيبدد الجهود ويحيد الاطراف كلها عن الهدف الاهم والمتمثل في تفعيل دورنا في تنمية هذا المجتمع سواء كنا اناثا او ذكورا.
ان مشاركة الجنسين ومساهمتهما في بناء هذا الوطن تعتبر قضية مجتمع وليست قضية اختلاط الذكر بالانثى، لذلك يجب علينا التعامل مع هذه القضية على هذا الاساس ورسم استراتيجيتنا بصورة تشمل قطاعات وزوايا المجتمع بشكل اهم واشمل، لأن المرأة الكويتية لعبت دورا مشهودا ابان الاحتلال الغاشم على ارضنا كما انها لعبت دورا بارزا في خارج البلاد لفضح اهداف المحتل، وذلك لتأمين الدعم العربي والعالمي الذي ساعدنا على تحرير بلادنا في وقت قياسي، اين كان الذين يطالبون بعدم الاختلاط وقتها هل كانوا نياما في ذاك الوقت واستيقظوا الآن؟
عزيزي الرجل الذي تنادي بتفعيل قانون عدم الاختلاط بين الجنسين على مقاعد الدراسة اسألك سؤالا وهو هل تنفع الديموقراطية في مجتمع لا يميز بين حرية الكلام وديموقراطية السكوت؟ ما أريد قوله الى كل هؤلاء الذين مازالوا يحاربون المرأة سواء كانت طالبة علم او امرأة تعمل ويطالبون بالحجر عليها ان افتحوا أعينكم لتروا العالم فالعالم يراكم ويشفق عليكم ويرثى لحالكم فأنتم في نظره لا تستحقون سوى الشفقة والرثاء.