أمينة العلي
إن دراسة آفاق الديموقراطية العربية تتطلب ضمن أشياء أخرى فهم الواقع الثقافي العربي بما ان واقع وحظوظ الديموقراطية العربية تتطلب أمورا أخرى للنفاذ اليها من منظور التركيبة الثقافية والاجتماعية في المجتمع العربي.
ان المنظور الثقافي السائد في الوطن العربي يكشف عن القوى الموجودة في مواقعنا التي تؤثر في مدى قبولنا أو رفضنا لما يستجد في حياتنا من ظواهر سواء كانت مادية أو فكرية، وان هذه الظواهر لا يجوز اغفالها لأنها عامل مهم في تطوير المفاهيم الديموقراطية المعاصرة في وطننا العربي، فقد أثبتت البحوث ان الثقافة الموروثة تاريخيا تظل توجه حركة التقدم في المجتمعات العربية، كما انها توجه حركة اختيار المجتمعات، والتي تكتسب من مفاهيم ومبادئ ومعارف خارجية، من الواضح ان الشعوب العربية استعدادها أكبر لاقتباس الايديولوجيات الديموقراطية التي تحتوي على كثير من المفاهيم الفلسفية والاخلاقية والسياسية والثقافية المجردة، التي يتعذر على كثير من الافراد في الوطن العربي استيعابها وفهمها.
وهذا بالطبع يجعل فهم البعض لمفهوم الديموقراطية صعبا رغم ان المواطن العربي لديه الاستعداد لفهم وادراك منافع المخترعات الصناعية التي غزت حياتنا ومجتمعنا، رغما عنا ودون أي مقاومة.
اما الذين يؤمنون بالديموقراطية ويعملون ضمن مفهوم هذا المعنى يجدون أنفسهم في اغلب الاوقات مطوقين بدائرة تهدف الى فرض الالتزام عليه وتسييره بالشكل الذي تفرض عليه مبادئ فكره الذي آمن به.
وفي هذه حالة لابد للمثقف المؤمن بمعنى الديموقراطية ان تهديه قراءاته وفكرته ومراجعاته التاريخية الى اسلوب جديد يسلكه ويؤمن به وينشره على نطاق مجتمعه.
الديموقراطية تنبع من ثقافة الشعوب واذا التفتنا الى الثقافة لوجدناها شبيهة بالوضع السياسي فالساحة الثقافية لابد ان تبقى مفتوحة لجميع الافلام.
تكتب وتئن كما تشاء ويكون الجمهور هو الحكم لانه هو الوحيد القادر على منح الحياة لكتابات البعض او انهاء حياة كتابات البعض الآخر، لأن ما يكتب هو له، هذه هي الديموقراطية الثقافية، ان الدائرة التي تحاصرنا بدأت تضيق الخناق علينا ربما في محاصرتها لنا تضطرنا الى العطاء الافضل لنكون ايجابيين مع أنفسنا ونحن وسط هذا العالم الصامت والحلقة المفرغة، والتي تدور فيها لا تقودنا الى همس لا صدى له مهما قلنا وصرخنا من اعماق ذاتنا الا اذا فهم الكل معنى الديموقراطية وعمل بها.
لان من يؤمن بالديموقراطية ويعايش ذاته بصدق واحساس يرى نفسه قد خرج من الحلقة المفرغة الى عالم مليء بالمتناقضات وعليه ألا ييأس لأن الحل هو الحرية في اطار الديموقراطية، هذا هو الحل الوحيد والأكيد والمفيد للوطن في حاضره ومستقبله، الحرية للابداع والفكر والحرية في المعتقدات وغيرها من الاتجاهات التي تجعل هذا البلد واجهة مشرفة لحاضرنا وتاريخنا ومستقبلنا.