أمينة العلي
يفترض بنا أننا نعيش ضمن دولة ومؤسسات مدنية ونحن في القرن الحادي والعشرين، ويفترض بنا اننا في عداد الأمم الراكبة لقطار الزمن المتقدم نحو المستقبل الوردي الجميل بسرعة كبيرة، وهذا الافتراض يجب أن يكون مصدره عقولنا وتصرفاتنا بجانب تراثنا الفكري والأدبي الموروث عن الآباء والأجداد وأجداد الأجداد، ويفترض بنا ايضا ان ننطلق من النقطة التي وصل اليها أجدادنا وأهلنا الذين سبقونا، لكن السؤال هنا: أين نحن الآن من تلك الأجيال؟
نظرة سريعة لما نعيشه الآن على أرضنا الحبيبة ونحن نحتفل بأعيادنا الوطنية تجعلنا نخاف بل يصل بنا الخوف الى درجة الرعب واليأس والاحباط، فكل ما يواجهنا الآن مصبوغ باللون الأسود وهذا السواد المقيت يراد لنا رغما عنا ومع ذلك رضينا أن نضحك على أنفسنا وأقنعنا أنفسنا ان ما نراه أبيض، بل وناصع البياض، ما علينا الا بان نحتفل بخيبة أملنا ونهلل للأوهام.
يفترض بنا نحن كمواطنين ان نرضى بالسكين التي تجز رقابنا ويجب أن نرى في هذا النصل طريق الخلاص، كما علينا القبول بكل ما يخرج الينا من خلايا التوتر، وذلك لا لشيء إلا لأن هذا التوتر توهم في لحظة ما انه اصبح الوصي على البشرية وعلينا كمواطنين نحيا في دولة يسود فيها النظام الديموقراطي، وسبب هذا الوهم انه لم يجد ما يفعله في الحياة واعتبر ان من حقه محاكمة الناس لا لشيء إلا لأنه دور هؤلاء الذين وجدوا في الجهل نعمة ما يطيب لهم تشويه وقلب الحقائق واعطوا لأنفسهم الحق في تفسير ديننا حسب مصالحهم دون اي اعتبار للعقل والمنطق، هذه الفئة التي غاب عنهم العقل والضمير في اعتقادهم ان من يفكر يكفر وان لهم وحدهم الحق في وضع القرار والحرية في التعبير، المواطن الكويتي الذي يؤمن بالديموقراطية لا يحق له التفكير وهم لا يعرفون من العلم الا القليل القليل والأغلبية العظمى من هؤلاء لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بأي فرع من فروع العلم، وعلى الرغم من ذلك يجب ان ننظر الى هؤلاء بعين الاعجاب وان ننهل منهم العلم والمشورة وان نتخلى عن عقولنا ماداموا هم أوصياء علينا، وعلى الرغم من ذلك يجيء منهم من يتوهم ان له الحق وحده في تفويض نفسه ليحاسب الناس على كل شيء، دراستهم، تربيتهم لأولادهم، ملابسهم، حتى قد نراهم قريبا يحاسبوننا على أحلامنا وأفكارنا.
ان العقل وحريته والتعبير عما يجول في داخلنا مصدر السلام والأمان الداخلي للإنسان، فلماذا تريدون منا ونحن في القرن الحادي والعشرين ان نحيا وعلى رقابنا السكين ونحن نرتعش من ارهابكم الفكري ونتحسر على حالكم ونشكر الله على انكم تنعمون بالجهل والآن ماذا يعني لنا نحن بالله عليكم ان نقف امام تخلفهم ونصد سهام نقدهم قبل ان يرشقوا بها عقولنا، وفي هذه الحالة فإننا نحملهم مسؤولية تخلفهم، وهذا هو التعويض المر ان تأكل النار بعضها ان لم تجد ما تأكله.