أمينة العلي
غلبتني دموعي غصبا عني وبكيت من كثرة أحزاني وهمي وطلبت من الله اللطف بنا ولكن كانت أحزاني أقوى مني، سارت الدموع عندي دما ينزف، أبحث عنك عبر تاريخك الطويل، أبحث عنك في الملفات والورق والصور، اعرف يا أميرنا يا سعدنا ان الموت هو المصيبة الوحيدة التي تبدأ كبيرة وتصغر مع مرور الأيام، ولكن موتك وفراقك عن وطنك وشعبك بدأ كبيرا وسيظل كبيرا.
يقولون ان الحياة لن تتوقف بسبب موت عزيز او أمير، فلقد مات الأنبياء والرسل، مات الملوك والزعماء لكن بموتك أنت زاغت نظراتنا واضطربت مشاعرنا واحترقت قلوبنا، ما أصعب أن نعبر عن احساسنا الحزين بفقدان الوالد الأمير الوفي المعطاء، مهما كتبت من كلمات الرثاء لن استطيع ان أوفيك حقك، انت رجل من رجال الكويت الذين أثبتوا إخلاصهم وحبهم لهذا البلد في المرحلة الصعبة، رغم مرضك لم تأبه لنصيحة طبية وواصلت الليل بالنهار من أجل تحقيق هدف واحد هو ان يرفرف علم الكويت مجددا في سمائها.
عدت وعادت الكويت وعدنا معك، عملت بكل ما تملك من طاقة في سبيل اعادة بناء هذا الوطن الجميل كنت وليا علينا وولي عهدنا، لم تنكث عهدا، كنت والدا للجميع، الكبير قبل الصغير، تسأل عن المريض وعن المعافى، لا يفوتك واجب ولم تغب عن مناسبة، تحملت همومنا ومشاغلنا وأنت تصارع المرض، غيبك الموت عن الكويت التي سعدت برجولتك وحكمتك ووفائك لوطنك، فأنت صاحب المواقف الصلبة وكنت القائد الذي اثبت نفسه في موقعه لا تلين لك عزيمة أو جهد.
يشهد الجميع بذلك الجهد الجبار الذي بذلته حين احتل النظام الصدامي البائد الكويت، تابعت كل التفاصيل عن قرب وعن بعد، رافقت مرحلة الصمود في يوم التحرير، لك صفحة مميزة في تاريخ الكويت، كنت صاحب فكر وحريصا على مصلحة وطننا، في عهدك ساد الأمن والأمان، لقد لعبت دورا استراتيجيا مميزا ودورا سياسيا يعد أعمق اثرا في استقرار النظام السياسي، وبذلك كنت احد صناع الكويت الحديثة، حققت الكثير من الانجازات بشخصيتك التي يغلب عليها الطابع الانساني، أبوابك كانت مشرعة للكل للاستماع الى مشاكلهم وللتواصل مع المواطنين ايمانا منك بأن قوة الكويت تكمن في مفهوم الأسرة الواحدة التي حرصت على ترابطها، حرصت على إبراز سمات الديموقراطية وأعطيت لكل ذي حق حقه، وتابعت بصفة دائمة الأوضاع المعيشية للمواطنين في داخل البلاد وخارجها بهدف رفع الروح المعنوية لأبنائك أبناء شعبك، أياديك البيضاء كانت ممدودة لمؤازرة الشعوب الشقيقة والصديقة، حرصت على كسب صداقة الجميع ومودتهم وتحقيق الكويت لفلسفة التوازن في علاقاتها الخارجية، ستبقى في ذاكرة اهل الكويت انسانا وقائدا ووالدا وحاكما حازما عطوفا حنونا على أبنائه، مازالت أذناي تحمل لك تلك الكلمات الدافئة التي كنت تخاطب بها أبناء وطنك لتواسيهم أيام محنهم، فكنت فعلا رجل دولة قدمت الكثير لأمتك وكنت رمزا للشجاعة والوفاء والإخلاص والخلق الرفيع، كنت رمزا للعطاء والتضحية والفداء، رحمك الله يا أميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وألهمنا وأسرة آل الصباح والشعب الكويتي الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).