أمينة العلي
قرأت معلومة تقول إن المرأة الفرنسية ظلت إلى عام 1935 لا تتمتع بحرية التصرف في مالها الخاص، إلا بإذن وموافقة زوجها، في حين أن الاستقلال الاقتصادي التام كان من أول الحقوق التي استمتعت بها المرأة المسلمة، بالإضافة إلى حقها في الإرث، إذن فلا جدال في أن المرأة لم تنل حريتها كاملة وآدميتها كامرأة وزوجة وأم وأخت إلا في الإسلام، ونساء العالم الغربي المتقدم لم ينلن شيئا من هذا القبيل، إلا في القرن العشرين، لذلك لفت نظري أن معظم الشباب لا يفهم حقيقة الإسلام التي تاهت عن الأذهان في خضم ظلام التخلف الذي يتخبط المسلمون فيه في كثير من بلاد الدنيا، ولكن واجب العناصر الجديدة المثقفة ألا تنخدع بالمظاهر الكاذبة، بل تقوم صفا واحدا تطلب انقاذ التطبيق الإسلامي الحاضر من الانحراف الذي أصابه وحاد به عن المعنى الكريم الأصيل.
فمثلا البعض يرى أن تعدد الزوجات أمر رخصه الإسلام، فنرى البعض يتزوج أربع نساء دفعة واحدة، ويقول إن هذا حلال ما دام أنه مقتدر ماديا، وأنه بزواجه بهذا العدد يسهم في علاج قضية العنوسة في البلد، وعندما بحثت عن هذا الموضوع في كتب الدين رأيت أن تعدد الزوجات إنما رخص الإسلام به لضرورة وبشروط منها أن يعدل الرجل بين نسائه، وذلك العدل الذي أخبرنا الله بأنه محال على الرجل، حيث قال في كتابه العزيز «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم» والإسلام حين أباح التعدد، إنما كان يعالج شرورا اجتماعية تفشت قبل ظهوره وأحالت الحياة إلى فوضى... والإباحة المطلقة للزواج بأربع، كما نراه متبعا في المجتمعات الإسلامية المعاصرة إنما هو نتيجة الجهل بروح الدين الصحيح.
كنت اعتقد في السابق ان من يتزوج بأكثر من امرأة لابد أن يكون قادرا ماديا ولكن ثبت لي عكس ذلك، عندما زرت أحد البلدان الإسلامية العربية ورأيت كيف أن من حق الرجل ان يتزوج بأكثر من واحدة، وكلهن يعشن في نفس البيت، عندما رأيت ذلك وقضيت يوما كاملا في ضيافة صديقة تزوج زوجها عليها ثلاث نساء، وكل منهن تعيش مع أطفالها في نفس البيت، رغم ذلك هذا الزوج دخله المادي أقل من العادي وكلهن يعشن عيشة متواضعة جدا.
أقول إنه لو شاءت القيادات الدينية الأصيلة أن تعيد الأمور إلى نطاقها الإسلامي الحقيقي لما ترددت لحظة عن وضع القيود الكفيلة بحماية التشريعات من الانحراف عن خطها الأول الصحيح.
لذلك أحب أن تطمئن كل امرأة مسلمة مثقفة في أي بقعة من بقاع هذا العالم الواسع إلى أن الدين الإسلامي بتشريعاته ومعانيه الأصيلة لا يمتهن المرأة ولا يستصغر شأنها ولا يهدر كرامتها ولا يحرمها من حق اجتماعي أو إنساني وإذا كانت الحقائق التي تواجهنا في المجتمعات الإسلامية تتم من غير ذلك، فهذا ليس من الإسلام في شيء، وإنما هو نتيجة الجهل الشائع والتخلف الذريع وما ينجم عنهما من تحجر في الفكر يؤدي إلى إساءة فهم التعاليم الدينية وتطبيقها.
ولست أورد هذا الكلام على سبيل تهدئة الخواطر، إنما هو الحقيقة التي أؤمن بها عن اقتناع وفهم وأحب أن تؤمن بها مثلي نساء هذا العصر لقد خص الله سبحانه وتعالى النساء بسورة من أطول سور القرآن الكريم وسماها باسمهن تكريما لهن وتمييزا، وفي هذه السورة سورة «النساء» اجتمعت معظم الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء منذ مولدهن إلى مماتهن فحفظ الإسلام للبنت حق الحياة وأوجب على والدها أن يحسن رعايتها وتربيتها وإن مات أبوها ينتقل هذا الواجب إلى من يجب عليهم نفقتها.
ولم يكن للفتاة قبل الإسلام رأي في زواجها فأعطاها الإسلام هذا الحق.
فالبنت لا تتزوج إلا بعد الحصول على إذنها وموافقتها أما إذا كانت ثيبا فلها الحرية في اختيار زوجها بنفسها وكذلك أوجب الدين على الزوجين حسن المعاشرة والمودة والرحمة.
لعل مقالتي اليوم تلفت انظار المسؤولين عن تدريس الدين في جميع الدول الإسلامية إلى ضرورة تحديد أساليب التدريس وتبسيط المعاني بالقدر الذي يسهل على النشء فهمه لأن ديننا الإسلامي يسر وليس عسرا.