أمينة العلي
ان مأساة المرأة عموما هي انها لا تحس بالظلم الواقع عليها والمهانة التي تعيش فيها لانها لا تجد امامها نافذة واحدة مفتوحة تطلق منها صوتها، النوافذ كلها مغلقة بإحكام وعلى كل منها يقف حارس من الرجال للحيلولة دون خروج الانفاس او دخولها لانها لايزال يعيش بيننا رجال هدفهم الوحيد ان يجمدوا موقف المرأة ويشلوا حركة تقدمها.
اقول هذا بعد ان قرأت عبر الانترنت بابا للمناقشة استهله احدهم بالتهجم على المرأة والسخرية من سعيها الى التساوي بالرجل، وقد اثار كلامه الفج منتهى غضبي فكتبت اليه ردا اكدت له فيه ان المرأة تكبر نفسها على التساوي بالرجل لانها تعتز بأنوثتها وتحتقر الاسترجال واذا ارادت ان تهين واحدة من بنات جنسها تشبهها بالرجل وان الرجل هو الذي عمل على التساوي بالمرأة عندما اصبح عمله من البساطة بحيث تستطيع المرأة ان تزاوله وتتقنه في غاية السهولة دون اي عناء.
لست ادري ان كنتم ترونني على صواب ام على خطأ وسأتقبل حكمكم بكل ترحيب لانني اقدر آراءكم واحترمها وما غرضي من هذا سوى ان نسرع السير الى الامام خدمة لوطننا الذي ناله اشد الضرر بإصراره على كون المرأة درجة ثانية بعد الرجل، وفي اعتقادي ان الرجل العربي سيظل جالسا على ركبتيه امام افكاره ما دامت المرأة تحبو على ركبتيها امام الرجل.
لان احساس الظلم والمهانة الذي تشعر به المرأة متى تحول الى ثورة نفسية كان الاداء الاكبر في تحقيق الاصلاح، ومأساة المرأة عندنا انها لا تحس بالظلم الواقع عليها ولا تشعر بالمهانة التي تعيشها لذلك لا تثور ولا تغضب الا في المناسبات، لذلك نراها تعيش راضية بالموت الاجتماعي المحكوم به عليها، واذا فكرت او تحركت فيكون ذلك بعقلية واسلوب المرأة التابعة المغلوبة على امرها المقتنعة بما وصلت اليه، لذلك اعتقد بإخلاص ان المرأة هي العدو الاكبر والاول لقضيتها وهي التي تحطم جهود القلة الراغبة المستميتة في معاونتها على الارتقاء الى مستويات انسانية افضل، وعموما نرى الحكومات العربية بصفة عامة يوجد بينها التقدمي ومنها غير التقدمي، الفريق الاول يؤمن بأنه لا حضارة للشعب والمجتمع من دون تحسين احوال المرأة بالتشريعات التي تساويها بالرجل لكي تتأهل للقيام بدورها الكامل في خدمة الوطن، ولكن جهود هذه الحكومات التقدمية تتفتت مباشرة على صخرة سلبية النساء الغارقات في روح العبودية ومنطقها، والنتيجة ان النساء في بلادنا التقدمية قد تحررن على الورق فقط، اما من حيث الحقيقة والواقع فمازلن يعشن في غياهب التبعية التي يفرضنها على انفسهن وذلك برضاهن بالوضع الهزيل الذي يعشن فيه وعدم احساسهن بما ينقصهن في النواحي الحيوية، هذا هو بيت الداء في مصيبة المرأة في بلادنا.