أمينة العلي
مع اطلالة الذكرى الثامنة عشرة للاحتلال الصدامي الغاشم للكويت، تذكرت اياما لم تزل مغروسة في ذاكرتي، حيث عادت عقارب الساعة الى ما قبل 18 عاما، الى يوم الخميس الثاني من اغسطس الاسود في العام 1990 عندما استيقظت الكويت مصدومة من احتلال غادر مقيت مجرم ما كان متوقعا له ان يحدث، اليوم ونحن نتذكر هذا اليوم الاسود ما زال الامل يحدونا على ان يجدد ابناء الوطن قسم الولاء للحفاظ على المكتسبات السياسية ويجاهدوا من اجل ان تبقى الكويت ارض سلام ومحبة، لا مكان فيها لارهابي او حاسد اوحاقد او جاهل.
صحيح ان الشهور السبعة من الاحتلال الآثم لأرضنا قد اعادت الى وطننا كل المظاهر التي نتباهى بها من ولاء وتعاون وحب واخلاص، الا اننا عدنا الى نقطة الصفر من جديد وشرعنا نتباكى على الماضي وجماله دون ان نلمس شيئا من شأنه ان يعيد الينا صورة كويت الماضي الناصعة.
لكن وقفة صريحة مع النفس قد توقظ فينا الروح كي نعمل من اجل ان يبقى وطننا شامخا بين الامم، منذ التحرير والكويت تعيش حالة من عدم الاتزان، الهدر المالي يتصاعد والتجاوزات المالية والادارية والاخلاقية في ارتفاع مستمر وملحوظ، ومنذ التحرير والى يومنا هذا ما زلنا نناقش قضايا كانت مطروحة على بساط البحث مثل قضايا البدون والاسكان والرسوم وما زلنا نناقش الخصخصة والدمج للبنوك ومنذ التحرير والى يومنا هذا ما زال بيننا نواب هدفهم الاساسي المكسب الشخصي، كابوس المخدرات والرشوة والوساطة ما زال يسرق النوم من عيوننا خوفا على مستقبل اولادنا في هذا البلد، الازمة الاقتصادية تزداد سواء، الوضع الرياضي اصبح مهزلة، حرية الرأي اصبحت لدى البعض تطاولا واستهزاء وتجريحا، واصبح الارهاب يتستر تحت عباءة الدين، والتعري اصبح فنا، ليست المشكلة في اننا نتكلم ولا نسكت ونقول ولا نفعل ونصحو من النوم متأخرين ونفهم بالمقلوب، ولا نقول الصراحة الا بعد الضغط علينا، ولكن المشكلة هي كيف نتغير، ونحن نمر بأزمات مختلفة، ازمات محلية دولية معها ارتفع معدل التضخم وتفرعت الاتجاهات، مجتمعنا لا يزال يتعرض لحالة من عدم الارتياح بسبب تلك الضغوط واضطراره للتعامل مع ظروف قاسية رغم انه من المفترض ان تكون اوضاعنا افضل مما هي عليه الآن.
نحن لسنا في حالة حرب، لكن المخاطر اشرس من الحروب، لا عودة الى اخطاء الماضي، ولا تراجع، ولكن التعديل في اولويات السياسات وعلاج جوانب القصور والسعي نحو مزيد من النمو هذا هو مطلبنا.
وهنا اقول ان المسؤولية تقع علينا جميعا في مواجهة ما نمر به من ازمات ومشكلات كلها تقع على عاتق الجميع بغض النظر عن المسؤولية السياسية والتي لها ناسها، ذلك انه على الجميع في مثل تلك التوقيتات ان يبذلوا ما في وسعهم للتغلب على اي مشكلات تواجهنا في اطار جهد جماعي ولا اعتقد ابدا انه سيكون هناك من بيننا من يقف موقف المتفرج او حتى يتذوق من بعيد ويتفرج ويقول هذا ينفع وذاك لا يفيد.
قيادتنا وعلى رأسها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الأمين وجميع قياداتنا السياسية يقظة ومنتبهة للتغيرات، ولكن العيب فينا نحن اننا نلقي بأعبائنا على الآخرين لأننا في حالة خلاف دائم مع بعضنا لأننا للآن لم نفهم معنى كلمة تضحية من اجل الوطن.
الكويت ما زالت مستهدفة والاعداء كثيرون، فاذا كان البعض ما زال نائما ويعتقد ان الاخطار قد زالت عن الكويت فهو واهم، وعليه ان يهب قبل ان تجرفه الرياح نحو التيار، هذه الكلمات أوجهها الى ابناء بلدي لأن المسألة اكبر من مجرد رفع شعارات تدعو الى التلاحم والوقوف صفا واحدا، وليست مجرد تطبيل وتزمير وتهليل بالكلمات الرنانة التي تتحدث عن مصلحة الوطن، فالمناقشات السفسطائية الفارغة لن تفيد يجب ان يعي ابناؤنا ومن يأتي بعدهم من اجيال ان كلمة وطني تعني الانتماء والعزة والقوة والوحدة والتضحية.