أمينة العلي
تقول لي صديقتي: يراود ذهني هواجس كثيرة، وتجول في عقلي أسئلة كثيرة على شاكلة: هل سأستطيع تكملة مشواري مع اولادي لأجعلهم صالحين في ظل هذا الزمن السريع الايقاع؟ وما الآليات التي امتلكها كي أتواصل معهم بطريقة صحيحة، كلما مر الزمن يزداد الامر صعوبة، وسيظل سؤال مهم يراودني: هل من الممكن تحقيق التوازن بيني وبينهم؟
تقول: رغم مسؤولياتي الكبيرة والكثيرة الا ان اسعد اوقاتي على الاطلاق تلك التي أقضيها بصحبة اولادي اناقش معهم امورهم ومشاكلهم، ولكن هذا لا يمنع انني دخلت في مواجهة صريحة بيني وبين نفسي، وسألت نفسي كيف انطق بقول كلمة لا لأولادي دون ان اشعر بالذنب او تأنيب الضمير، ربما كانت كلمة لا هي من أصعب الكلمات التي ارددها دوما على مسمع فرد معين من افراد اسرتي ربما لأن هذا الشخص متمرد على نفسه وعلى من حوله، كنت دائما اقول له نعم من اجل تجنب الكثير من الامور تجنبا للدخول معه في مناقشات متعبة، ولأن عاطفتي تغلبني وتجرني بسرعة مائة حصان الى كسب وده، لذا كنت أوافقه على ما يريد في بعض الاحيان، لكنني اكتشفت أنني كنت مخطئة لأنني سمحت لعاطفتي بان تتغلب على عقلي واكتشفت ان كلمة لا الصغيرة التي تتكون من حرفين ساعدتني على تعزيز الامن العاطفي لهذا الولد، ووضعت حدودا لسلوكه، كلمة لا عندما قلتها في بعض المواقف ساهمت معي في وضع ابني على الطريق الصحيح، نعم اعترف ان هذا الولد متمرد، ولكنني متأكدة انه سيأتي يوم سيعرف قيمة ما افعل من اجله حين يدرك معنى الحياة.
لذلك أنا لا اشعر بالذنب تجاه مشاعر هذا الفرد السلبية تجاهي لأنه مدلل واناني وغير مسؤول، لذلك ارفض سلوكياته وأحاول بقدر حناني وعطفي عليه ان اقسو عليه، ولا ارضخ لما يطلب، فأنا دائما ثابتة على رأيي واقول كلمة لا وقت الضرورة، اقولها عندما اشعر كأم انه يجب ان تقال، واصر عليها، وذلك من اجل مصلحته، اقولها كوسيلة للاصلاح، ولا كوسيلة للاستهانة او للانقاص او النيل من شخصيته، اقول لا بحزم مع بعض التبريرات اذا استلزم الامر.
اعترف بان نقطة ضعفي انني من النوع المسالم والمتسامح في حياتي، وهذا ما سبب لي الكثير من المتاعب والمشاكل وفي بعض الاحيان اشعر انني حائط هبيط واطئ الكل يتكئ عليه، الكل يرمي عليَّ بالمسؤولية، بل انهم اعتادوا على تحميلي اكثر مما أحتمل من دون ان يسمعوا مني كلمة تذمر او شكوى وان كلمة لا التي استعملها الآن ما كانوا يتوقعون سماعها مني حتى لو كنت اقولها مع قائمة كبيرة من التبريرات لأنهم وضعوني في قالب من الصعب اخراجي منه، وفجأة وبدون مقدمات صارحت نفسي ورأيت انني قد ظلمت هذه النفس وحظها العاثر وشكواها الدائمة من التعب والارهاق والمسؤولية.
عندما قلت كلمة لا وقلتها عن حق وفي مواقف صحيحة وضعت حدودا لنفسي مع الغير، وقدمت من خلال هذه الكلمة عقد اتفاق بيني وبين الآخرين عندما اقول كلمة لا، لا اقولها من اجل السيطرة على الغير اقولها وأضع معها صورا من الحلول وتقديم البدائل بطريقة ديبلوماسية، ومع ذلك اقول ان في حياتي لحظات من الضعف قد اقع في موقف لا احب ان يطلع عليه احد من افراد اسرتي، او اتصرف بطريقة اعلم مسبقا انها لا تعجبهم فهل اخفي هذه التصرفات عنهم وأتحمل الضغوط النفسية الناجمة عن تأنيب الضمير ام اصارحهم وأواجه ردود فعلهم واسمع منهم كلمة لا التي يجب ان أتقبلها مهما كانت قاسية؟