منذ أن تزوجته وهي تتذمر منه راغبة في الطلاق، ولكن بعد فترة اضطرت لأن تتحمل ما لا تحبه منه، وتغلق في النهاية فمها، خاصة عندما قارنت بينه وبين كثير من الرجال، ووجدت أن العيب في الحقيقة كان فيها هي، وفي نظرتها الفوقية للآخرين، وبعد أن استقرت الحياة الزوجية بينهما، وبدأت مشاعر الود تشد الوثاق بين قلبيهما، سقط ذلك الزوج فجأة ميتا دون أن يشكو من مرض في يوم ما، مخلفا لها مالا كثيرا وأبناء كالدرر.
ومنذ ذلك اليوم وهي تلوم نفسها، على كل لحظة لم تقدر فيها حبه لها، ومحاولاته الدائمة لإسعادها ونيل رضاها، وأنها يوم أحست بقربه وبدأت في تعويضه ما فات، ذهب عنها من دون سابق إنذار!
هذه الحكاية ليست من نسج الخيال إنما هي من الواقع، فكم من زوج وزوجة يعيشان بيننا لم يشعرا بمدى تقصيرهما وظلم كل منهما لشريك حياته إلا بعد أن ينثر عليه التراب، لأن أساس الزواج ليس فقط مجرد تكوين أسرة، إنما هو رابط مقدس شرّعه رب السموات، يبنى على المودة والرحمة.
وهذه الخاطرة التي أمامكم، تبين مدى مشاعر تلك المرأة التي تعيش أزمة فقدان الزوج الحنون، والرغبة في عودة ذاك الزمان لتصلح ما أفسدته:
عندما وصلت إلى المنزل متأخرة بعد قضاء حاجياتي من السوق
توجهت فورا إلى غرفة نومي
فرأيتك مستلقيا على الفراش كالعادة بعد عودتك من العمل
دون أن تغير ثيابك.. أو تنزع حذاءك
على الفور اقتربت منك.. قبلتك على جبينك
وبهدوء قمت بتفكيك أزرة قميصك
وبرفق.. نزعت منك حذاءك
ثم.. سحبت اللحاف وغطيتك به..
فأنت ترهق نفسك كثيرا.. إنني أشعر بذلك
لا تتصور كيف لمت نفسي بشدة على تأخري في العودة إلى البيت،
عندما رأيتك تنام بهذه الصورة..
ولم أستقبلك عند الباب كالعادة، وأقدم لك وجبتك التي تحبها..
واجبي نحوك يفوق مشاعر القلب، ورفقة الدرب
واجبي نحوك يرتفع فوق الرسميات والشكليات
واجبي نحوك أكبر من العلاقة العادية والماديات
واجبي نحوك يتعدى حدود الحاضر والنظرة البسيطة للحياة
وقبل أن أخرج من الغرفة تذكرت أنني لابد أن أجهز لك الزيت والماء الدافئ لأدلك بهما قدميك بعد أن تستيقظ..
لكن.. كانت الصدمة العميقة..عندما التفت نحوك بصورة غير إرادية
ووجدت السرير خاليا منك
فلم أتمالك نفسي.. ولم أستطع حبس دموع العين
فتذكرت عندها أن الأموات لا يعودون.. وما رأيته كان وهما!
حبيبي ذاكرتي مثخنة بك.. متوجعة بفقدك
طالما تمنيتك أن تعود.. كالسابق.. إلى البيت
وأطبع قبلاتي على جبينك..
وأشم بقوة ريحة العرق في ملابسك، والتي تذمرت منها سابقا..
يا سيد هذا المنزل، غيابك.. شرخ في القلب
من يطبب الجروح.. ويضمدها
اليوم وكل يوم يأتي بعد غيابك
يذكرني.. بروحك المحلقة.. وأنفاسك الباقية
وجسدك الذي يضمه التراب
حبيبي..
أصعب شعور.. حينما تأتي الأماني متأخرة
وأقسى إحساس.. عند الغياب والمشاعر حاضرة!
[email protected]