منذ أيام أخذت والدتي إلى مستشفى العلاج الطبيعي، بسبب الآلام التي تشعر بها في ركبتيها، وجلسنا ننتظر دورها في الدخول عند إحدى العيادات الخارجية. الغريب في الأمر أن أغلب المراجعين تم تحويلهم إلى نفس العيادة، رغم وجود أطباء في العيادات الأخرى، وصار المراجعون يتذمرون من تأخر ملفاتهم، وأيضا من انتظارهم الطويل للدخول الى الطبيب المعالج، كان من بين ما لفت نظري وجود بعض الكبار في السن وبعض المعاقين الذين تم تحويلهم إلى تلك العيادة أيضا، من دون إعطائهم أولوية في الدخول على الطبيب، وكان منظرهم وهم يتحملون الجلوس على ذلك الكرسي المتحرك يثير الألم في النفس.
أحد المرضى جاء مع خادمه وكان ضرير العين، بعد أن أعطي رقما للانتظار، وعندما سأل المرافق الذي معه عن عدد المرضى الذين سيدخلون الى الطبيب قبله، قال له: عددهم 6 أشخاص، عندها ثار غاضبا وطلب من خادمه أن يأخذه إلى باب العيادة فورا، وبعد أن خرجت له الممرضة، سألها عن أولوية الدخول لمن يحملون بطاقة «إعاقة»، إلا ان الممرضة رفضت السماح له بالدخول قبل الآخرين وعليه انتظار دوره حتى يحين، لأنه لا يوجد في المستشفى أي قانون يسمح لهم بذلك.
الملاحظ في الأمر والذي أثار استغراب بعض المرضى، أن هناك أطباء وممرضات في العيادات الأخرى، ولم يتم تحويل عدد من المرضى إليهم، أو على الأقل تخصيص عيادتين أو أكثر، لذوي الإعاقة وكبار السن، فهناك أمور بديهية لا يسمح حتى بالنقاش فيها، ومنها أن للمسن أو المعاق أولوية في إجراء معاملاته أو تخصيص أماكن ومقاعد مريحة في المستشفيات والوزارات والأسواق، لما يجدوه من الآلام ومعاناة مختلفة ابتلوا بها تعيقهم عن الحركة أو السير بشكل طبيعي كالناس الأصحاء، وعلينا أن نعي كلنا كمجتمع مسلم تربى على حب الخير ومساعدة الآخرين ورفع معاناتهم، أن من ديننا وشريعتنا وأخلاقها السمحاء، أن نطالب بصوت عال بحقوق هؤلاء الضعفاء، في كل مكان نجد فيه إهمالا أو تقصيرا في حقهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله»، إذن فالرحمة هي أساس بناء كل مجتمع بكل طبقاته وفئاته، فكم من قوي صار ضعيفا، ومن غني صار فقيرا، ومن صحيح صار مريضا، ودوام الحال من المحال، فهؤلاء آباؤنا كمثال، قاموا بتربيتنا وهم في كامل قواهم واليوم صاروا ينظرون إلينا بعين المحتاج لرفع معاناتهم، وإذا كنا نطالب بحقوق هؤلاء المعاقين أو كبار السن، فهذا واجب علينا أن نقوم به ونؤديه، من غير فضل ولا منة فيه.
[email protected]