في كل مرة تقع عيني على كتيب أو مطوية كتبت عليهما بعض الأدعية والأذكار، أتساءل كم من الوقت تأخذه مني لو اتبعت نظام الأذكار منذ أذان الفجر إلى وقت النوم، أجد أن ساعات يومي أغلبها سيلهج بها لساني، وسيبقى الوقت اليسير للتحدث في الأمور المعيشية المهمة، وهذا ما يجعل سؤالا آخر يقفز إلى ذهني، ما الحكمة من ذلك، غير أنها تحفظني من الشر وتغفر لي السيئات وتزيدني في الحسنات؟
وبعد تفكير وجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطانا درسا بليغا لترويض النفس البشرية عندما قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت». وأرانا مشهدا حيا عندما مرت جنازتان فقال «أما إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة...» إلى آخر الحديث.
ولكن رغم ذلك فإن البعض تراه لا يرتاح إلا إذا لغا في الحديث عن أعراض الناس، أو يسب هذا ويشتم ذاك، غير من صار الكذب والنفاق هو ديدن حديثه، أو فرق بين اثنين أو جماعة ونشر بينهم الفتنة، أو أفسد عليهم حياتهم، وكثير من اللغو والثرثرة التي ليس لها داع ربما قد تضر ولا تفيد، كل ذلك يفعله اللسان وأكثر، ألم يقل النبي عليه الصلاة وأفضل التسليم لمعاذ بن جبل ـ عندما سأله «يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟»
«ويحك يامعاذ، وهل يكب الناس على أنوفهم في النار إلا حصائد ألسنتهم»؟
ويعني خلاصة كل ذلك «نفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل» وعليه فإن انشغال اللسان بذكر الله تعالى أفضل وأكبر من الانشغال بالحديث في غيره، وإن في الذكر لحياة، كما قال صلى الله عليه وسلم «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت»، ولنا أن نختار أن نكون أحياء أو أمواتا.
[email protected]