أستغرب حينما يقع خلاف بين شخصين لهما مركزهما المهني ويشغلان منصبا مهما في الدولة ويضعان خدمة الكويت في دائرة خلافهما والتي يفترض أنها تكون بمعزل عن مهاتراتهما ومشاحناتهما وعدائهما بعضهما لبعض، فالقتال على المناصب من أجل الظهور الإعلامي والبرستيج الاجتماعي والصلاحيات الأخرى المالية والمهنية وغيرها، أمر مكروه ومزعج، ما لم يكن ذلك الفرد صالحا لأن يشغل هذا المنصب، ويكون كفؤا له ويتحمل المسؤولية كاملة من دون زج مشاكله الشخصية بخدمة هذا الوطن الذي لا يزال يتألم من هذه الفئة التي تملأ بعض الكراسي المهمة وتعطل الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتطور البلد.
أتساءل كثيرا عندما أقرأ شعارات من قبل «نقسم أننا سنثأر لدمك» أو «سننتقم من قتلتك» وتجد أن الكلمات هذه موجهة لشخص توفاه الله منذ مئات السنين، فكيف سيثأر هؤلاء لقتلته؟ وكيف سيثأرون لدمه من أشخاص دفنوا وتحللت أجسادهم منذ تلك الأيام الغابرة؟ فلمن إذن توجه هذه الرسائل؟ ولم هذه الشعارات؟ ولماذا يزور التاريخ وتبث روح العداء والفتن والبغضاء بين النفوس؟ لم تؤجج النيران؟ ولمصلحة من؟ هذه أسئلة موجهة للعقول الواعية فقط!
لأول مرة أسمع أن هناك صحابيا جليلا يعرف الغيب ويعلم أمر «المنايا والبلايا»، والنبي المرسل صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله سبحانه لهداية البشرية، لم يطلع على الغيب، إلا ما أخبره به الله عز وجل عن طريق الوحي، والدليل في آخر آية من سورة الكهف يقول الله تعالى على لسان محمد (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي انما إلهكم إله واحد).. أما أن يأتي مدعو الدين وينسبوا إلى صحابي جليل عرف عنه ورعه واستقامته وحبه للإسلام بأنه يعلم أمر المنايا والبلايا، فهذا بهتان وادعاء خطير، فالله سبحانه وحده الذي يعلم المنايا والبلايا وأقدار البشر كلها وليس لكائن حي القدرة على معرفة ذلك إلا بإذنه وبأمره وبقدرته، وليس لي إلا أن أقول لهذا المدعي إلى متى الضحك والاستخفاف بعقول البشر؟ فاستغفر لربك وتب قبل أن تقابل ربك يوم القيامة.
أعترف بأنني ـ حالي حال كثير من الناس ـ أشمئز من المشاهد السلبية وغير الأخلاقية في الأماكن العامة أو في المدارس أو في المجمعات أو قطاعات العمل وغيرها، وأتمنى أن يستيقظ لدينا خلق كالحياء ومراقبة الذات والشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه، ويحيي نفوسنا لنصلح ما تحطم من أخلاقيات ونرمم بعض الخلل الاجتماعي الذي تزعزع مع الزمن، فالخلل والألم النفسي الحاصل الآن ليس بسبب تقدم الزمن، ولكن بسبب الإنسان نفسه الذي أفلت الزمام من بين يديه.
[email protected]