ها هي تتدحرج بسرعة غريبة، وكأنها تسقط من منحدر رهيب، تراها ملتهبة ذات أذرع كالأخطبوط، تمد يدها نحو المجهول، الطرق متفرعة ولكنها تتجه منطلقة إلى هدفها، تعبر الحواجز فتعيد رسم الحدود، تتعدى جدران المساكن فتغير مفهوم الساعة والوقت وانتظار المستقبل، تمر فوق أسوار المدارس، فتعطل القلم وتجبر المعلم على تغيير منهج التاريخ، وصياغته مرة أخرى، وحتى الأهازيج التي صفقت لقائد توارى تحت عباءة سوداء، وفر في جنح الليل إلى قدره، أهيل عليها التراب، فتغيرت الأصوات وصارت تعد القصائد في ملعب من لهب.
الرغيف الذي كان قضية الفقراء، لم يعد أول الهموم، والمنازل والمباني التي كانت آيلة للسقوط، لم تعد تعني شيئا أمام سقوط كرسي حاكم، لذا اختلف معنى الشعور للحاجة، وصارت الرؤيا تأخذ منحى آخر للرغبة في العيش بأمان، واحترام لذات الإنسان.
كنا نرى في المجهر كيف تتكون الذرة، ولكنها شاءت أن تكبر عيانا، وتذهلنا بحجمها وقوتها وترغمنا على تقبلها، والنظر إلى الخريطة الجغرافية العربية، التي انفصلت عن كونها الذي عاشت عليه، وأصبحت في كرة أرضية مستقلة تعد العدة لرسم معالم لعالم جديد، فوق الظن وأكثر مما يتوقع، وأكبر من التحليلات الإخبارية.
هاهي تتدحرج إلى مبتغاها، لتبقينا متسمرين أمام شاشة صغيرة، تنقل لنا صور لهذه الشعوب الهائجة على وضعها، وأحداث تتغير أسرع من تحرك مؤشر الساعة للثانية الواحدة، والقلوب تتألم لهذه المشاهد، والعقول تتحرك بعجلة لتضع التساؤلات عن غد لم يشرق بعد، والنتائج تنتظر إشهارها، حينما تجد أن الوقت قد حان.
حقيقة:
الزمن حدث يومي، والتاريخ ألم وأمل وقت مستقطع من هذا الزمن.. والنهاية هي بداية لأمر قدره بين يدي الله سبحانه، حمانا الله والمسلمين من الفتن ومن كل شر، آمين.
[email protected]