دعيت منذ فترة أنا وزوجي لاحتفال أقامته إحدى الشركات لأعضـائها المسـاهمين للتــعارف والتعاون وطرح الأفكار الجــديدة التــي تدفــع الشركة للتقدم والنماء، وكــان احتفالا ممتعا وناجحا، تخللته عروض وبرامــج مســلية ومسابقات للصغار والكبار، والبرنــامج الوحيد الذي يستوقفني كالعادة سواء كان في احــتفال أو نشــاط اجتماعي، هو برنامج المسابقات والأســئلة الــتي تقدم بصورة تافهة خالية في الغالب من المعلومات العامة والمفيدة، فإلى متى يقف عريف الحفل ويطلب من الحضور ـ أن من يحضر له قلما أو نظارة شمسية أو عملة من الدولار بسرعة، سيأخذ هدية، أو يطرح سؤالا يجيب عليه حتى الطفل في مرحلة الروضة، أو يلقي على الحضور قصيدة أو أغنية يحفظها، سيحصل أيضا على هديته.
كنت أتوقع أن مثل تلك المسابقات قد تتغير أو تنقرض مع تقدم الزمن والـثورة التكــنولوجية، فالإنسان الآن يعيش في تحد وسـباق مع التـغيرات المختلفة في حياتنا المعاصرة، فالسرعة الغريبة والمدهشة تجعلنا مضطرين الى مواكبة ما نستطيع اللحاق به لنتعلمه ونتعامل معه بطريقة صحيحة، قبل أن تطرأ عليه إضافــات جديـدة ومعقدة، قد تدخلنا في متاهات وحيرة بسـبب الشعور بالجهل حيالها، وكان الأحرى من منظمي أي برنامج ترفيــهي أن تطعم مسابقاته باختبار للمعلومات الآنية والتي تتطلب منا معرفتها والاطلاع عليها والاسـتفادة من خبرات وثقافة الغير، وهذا لا يتطــلب ذكــاء خارقا من معدي تلك البرامج سواء كانت المســابقات هذه ستقدم في احتفال أو عبر الراديو أو محطة فضائية، ولكن يتطلب لإعداد فيه وعي وإحساس بالمسؤولية تجاه مجتمع أحيانا يتخبط مع أول موجة تزحف إليه من الشاطئ!
ورغم اعتراضي على تلك الطريقة القديمة وغير المبتكرة أو على الأقل مفيدة، كانت لزوجي وجهة نظر أخرى أحترمها رغم اختلافي معه، ألا وهي أن تلك المسابقات أو الأسئلة التي تعرض بهذا الشكل، هي مجرد نوع من الترفيه والنشاط، لتشارك به جميع الفئات العمرية والفكرية وفي الغالب تقدم لإشراك الأطفال في المتعة مع والديهم، ولكن السؤال يبقى في ذهني.. وإلى متى ستستمر على هذا النهج والمنوال؟ وإلى متى لا نعطي لأبنائنا حتى الفرصة لكي يفكروا؟.. هذا وإن لم يكن الأمر يشملنا نحن الكبار أيضا!
[email protected]