يحكى في الماضي عن عادة كانت تحدث في القرى الأفريقية، أن أهل القرية كانوا إذا أرادوا قطع شجرة كبيرة ضخمة يصعب عليهم قطعها، ينادى بأهل القرية أن يخرجوا إلى تلك الشجرة فيلعنوها ويسبوها لمدة يومين حتى تموت بنفسها وتسقط.
هذه الحكاية التي سمعتها من معالجة صينية أتت في زيارة للكويت، تنبه الى خطورة استعمال المفردات السلبية والانتقادات الخطيرة نحو الأبناء، وجاءت بهذه القصة التي أثرت بشكل كبير على الحضور، فبعض الآباء والأمهات كلما اشتط غضبهم على أمر ما فعله أحد أبنائهم، كالوا له الشتم والتحبيط والتنقيص من قدره، وكأن هذا الابن لا ينتمي إليهم ولا تجري دماؤهم في جسمه، والخطر العظيم عندما يجري اللعن على لسان الوالدين كجريان الماء، مهما كانت ردة الفعل تجاه خطأ ارتكبه الابن أو بسبب فشل أو تصرف غير صحيح، ولا يعلم هذان الوالدان انهما بذلك يقتلان فيه الروح، ويزعزعان فيه النفس، ويضيعان فلذة كبدهم بكلمة واحدة.
وأذكر موقفا سمعته، عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان خارجا في غزوة فلعن رجل دابته، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يتبعنا ملعون. فما بال البعض يلعنون أبناءهم ويحطمون أجمل ما فيهم، وإذا ما ساروا في طريق أعوج أو تردت أمور حياتهم، أو وقعوا في حوادث ومشاكل كبيرة، لاموهم وسخطوا عليهم وزادوهم انتكاسا فوق انتكاس، ولو استبدل الوالدان أو الأبناء أنفسهم الكلمات السلبية إلى ايجابية، والشتم واللعن بالدعاء لهم بالتوفيق والحفظ والمغفرة، ما ضر اللسان شيء ولا انتقص من جيبه فلس.
وعلينا أن نعي جميعا أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق إنسانا أو حيوانا أو نباتا أو حجرا إلا لسبب، وكرم الخالق الإنسان على سائر خلقه، وترك على يديه إعمار الأرض، وهذه الرسالة التي يجب أن نرسلها لأبنائنا ولمن حولنا، وعلى المرء أن يحاسب نفسه على كل كلمة يوجهها إلى نفسه أو أبنائه أو المقربين له، وأن كل ما ينطق به مردود عليه وعلى حياته، أليست هناك ملائكة ترد على من يدعو لأحبائه بالخير فترد عليه «ولك مثله»، فما النتيجة التي نتوقعها عندما يلعن احدهم هذا ويدعو على ذاك بالهلاك! نسأل الله لنا ولكم العافية.
[email protected]