أنوار عبدالرحمن
ربما لا ننتبه لروزنامة الحائط، والأوراق التي تتساقط كل يوم، والسنة التي تدخل بشمعة وتنتهي بدمعة، والعمر الذي يمضي دون ان نحقق نصف اهدافنا!
الكون حولنا يتغير وأمور جديدة تضاف على خريطة الزمن، لكننا وفي كل الاحوال نتأقلم مع كل وضع جديد لمسايرة الحياة، ومواكبة التطور سواء كان مرضيا بالنسبة لنا أو لا، ولكن البعض وللأسف يغفل عن شيء مهم، الا وهو التغيير الذي يطرأ على الانسان نفسه، ومن منا لم يتغير؟!
وسأورد لكم مثالا أراه امام عيني من خلال معايشتي مع أوضاع الفتيات بين الاسرة والمدرسة.
بعض الامهات يفاجأن بتصرفات غير معهودة من بناتهن اللاتي يعشن في سن المراهقة، وتجد الأم غارقة في التفكير وقلقة بهذا الشأن، وتقول مستنكرة:
«ان ابنتي لم تعد تلك التي ربيتها على طريقتي، فقد اصبحت حساسة اكثر من اللازم وعصبية لأتفه الاسباب، ترفع صوتها وتتطاول على اخوتها، وتتبرم من كل شيء، حتى في ملابسها بعض الاحيان لا يعجبها ذوقي وتحب ان تنتقي ما يخصها على حسب نظرتها وتقديرها للشيء، انها اخذت تهتم بالكماليات والمكياج والموضة بشكل لافت للنظر».
مثل هذه الأم تكتشف متأخرة ان ابنتها تكبر كل يوم، وتتغير حالها حال اللاتي حولها، انها فترة انتقال من مرحلة الى اخرى، فتبدوا آثارها عليها جسديا ونفسيا.
وعلينا كأمهات ومربيات في البيت والمدرسة، ان نتقبل هذا التغيير بكل ظروفه واشكاله مادام الأمر لم يخرج عن اطار الدين والعادات والتقاليد الاسلامية، ونراعي هذه الفترة الحساسة لتلك الفئة العمرية، ونبحث عن كيفية التعامل مع هذه المرحلة الجديدة والقفزة في حياة البنت والطالبة، يجب ان نعرف ان هذه الفتاة لم تعد تلك الطفلة التي تثيرها الاشياء الصغيرة، وتنخدع بالحلوى والهدايا البسيطة!
«انها تفكر وتحلل وتجادل.. لبناء شخصية خاصة بها».
فلتختر ملابسها واشياءها الخاصة، اعطيها مساحة من الاهتمام والتقدير وقيادة الامور الصغيرة في البيت، وكوني لها موجهة ولا تفرضي رأيك عليها فرضا عسكريا.
لابد ان نفهم انها وبعد سنوات قليلة ستنتقل الى مرحلة اخرى اكثر وعيا وثباتا، وسيتغير فيها الكثير وستصبح انسانة اخرى لها كيانها واتزانها، وشخصيتها وافكارها.
انها باختصار ستكون أمّا لأبناء المستقبل، وكلنا مسؤولات عن تأسيس هذه الأم والسؤال هنا يعيد نفسه، من منا لم يتغير؟!