أنوارعبدالرحمن
هكذا وقفت بكل ثقة بعد أن طلبت من الحضور الاستماع إليها، ومشاركتها في هذا الهم الذي تراه بعينيها وتسمعه بأذنيها ولكن.. للأسف لا يتغير، فلماذا السكوت إذن عن كلمة حق مدوية تهز أركان هذا الظلم أو التخلف أو التأخر، كما تراه هي في منظورها ومنظور كل إنسان عاقل؟
قالت بعد أن هدأت أنفاسها ودقات قلبها وهي تقف شامخة، إلى متى نحن كذلك، فبلدنا لا يستوعب كل هذا التقسيم والتشتت والانفصال، لماذا لا نزال نتحدث عن القبلية وتظلمنا في تحديد أصول الأفراد؟ ولماذا تحاصرنا المذهبية وتفصل بيننا في الآراء والاعتقادات، لماذا تحددنا الطبقية وتقحمنا في الجهل بالتصنيف وإلى آخره؟ متى نشعر حقيقة بأننا كويتيون فقط، نحمل الهوية نفسها؟ لماذا لا ننظر لهذا الأمر على أنه هو قبيلتنا وطائفيتنا وطبقيتنا ومذهبنا؟! فلنكن نحن الشباب من يحمل هذا المنهج القادم والرؤية التي نتمناها ونتطلع إليها لهذا الوطن الصغير في حجمه الذي لا يحتمل كل هذا التقسيم والتشعب، فالشعب الأميركي كمثال، تكون من أصول وديانات مختلفة، ولكن الجميع يشدو كل يوم بالنشيد الوطني الخاص بالولايات المتحدة الأميركية، ويكررون على لسان واحد عبارة واحدة بما معناها (يجمعنا كلنا هذا العلم)، فأتمنى أن نقول نحن ذلك أيضا، تجمعنا الكويت، ويجمعنا هذا العلم، وهذا الحب لهذه الأرض الطيبة.
ولم تكد تختم حديثها إلا والقاعة تهتز بالتصفيق والثناء على شجاعتها، وكلمتها التي يتعطش لسماعها الكثير، بل وربما تحدثت على لسانهم وشرحت شيئا ما قد راود نفوسهم وحرك مشاعرهم في يوم أوفي موقف ما.
جلست الفتاة على كرسيها، وهي تسمع من حولها كلمات الثناء، والشكر والاحترام، لكنني أعلم بعدها، حين تفرق الجميع ودخلوا بيوتهم، اجتمعت الغالبية مع أسرهم وتناقشوا في أمور تمس جزءا مهما من ذواتهم لــــن يتــــغير ولن يلغى ولو بعد سنوات طويلة لأنها متأصلة وممتدة ولـــــها كيان داخل هذا الكيان، مهما قلنا ومهما وقفــنا مثل تلك الوقفة الصادقة التي وقفتها تلك الفتاة وأشاد بها الجميع وصفقوا لها، أقول ذلك ليس من منطق يأس، ولكن من منطق البصيرة، وتبقى الكويت في قلب من يحبها فقط، حتى وإن لم يكن كويتيا، صدقوني فلماذا علينا ألا نعترف؟!