أنوارعبدالرحمن
عرف منذ زمن طويل عندما يختصم رجلان يذهبان إلى رجل متدين ومصلح ليحل لهما المشكلة ويحكم بينهما بالعدل، وإذا حدث سوء تفاهم بين زوج وزوجته، أيضا يحكمان رجلا ذا دين وإيمان لأن الرجل الذي اتخذ طريق التدين والالتزام لابد أن يكون عادلا وحكيما ومؤتمنا على الأسرار ومصلحا للمجتمع، وهذه النظرة الحقيقية التي لايزال يراها بعض الناس في رجال الدين والمتدينين، ولكن في زمن اختلطت فيه الأفكار وتعددت الآراء وتغيرت معه المفاهيم، تجد أن بعض الرجال أو النساء الذين ينسبون إلى أنفسهم التدين، يخالفون أغلب ما هو أساسي لبلوغ الجادة الحقيقية للدين، تجد بعض الأحيان لسانهم ينطق بما لا يفعل أو ينصح ولا يطبق هو النصيحة، ومنهم من يتساهل في اللغو بأعراض الناس ويقبح هذا ويسيء لذاك، ويتحدث عن التربية والأخلاق في حين أن جدران بيته تكاد تسقط عليه، ومنهم من يتحدث عن غض البصر وقد يمنع عن بيته بعض القنوات الفضائية لما فيها من تفسخ وهذا لا ننكره، لكننا نراه لا يغض طرفه عن امرأة تسير في الشارع، ومنهم من يطالب بتعدد الزوجات والستر على الأرامل والمطلقات وعندما تبحث عنه تجده في إحدى الدول القريبة يبحث عن عروس صغيرة في العمر، وهي بالمقابل عندما توافق على الزواج منه لا حبا به إنما لما يملك أو ما سيمنحها من حقوق كثيرة عند الزواج، وأنا هنا لا أسيء للإنسان المتدين ولكن لما يفعله بعض المنتسبين لهذا الاسم، ومنهم من تراهم يقعون في تصنيف الناس من حيث إيمانياتهم، فليس لأي كان من الناس الحق أن يحدد مدى إيمان هذا الشخص أو ذاك، فقرب العبد من ربه لا يعلم به أحد من البشر سوى الله خالقهم، والرجل المتدين عرف عنه ومنذ زمن أنه الإنسان المحبوب والسمح الذي يراه غالبية الناس على أنه القدوة في المجتمع ولا يمكن أن يعيب هذا ولا ينقص من قدر ذاك، وإلا ليس هناك ما يجبر بعض الرجال أو النساء على أن يضع الواحد منهم نفسه في دائرة المتحدثين من المصلحين في البلاد والعباد وهم أول من يحتاج إلى أن يصلح حاله وبيته، فالتدين أخلاق أولا لأن الإيمان الباطن لابد أن يظهر قولا وفعلا، ولا ننكر أن الإنسان المتدين حاله حال البشر ممكن أن يخطئ ويصيب، وعلى الناس أن تدرك ذلك.
وهذا لا يعطي أيضا مبررا لنظرة سيئة أو ظن خاطئ بكل متدين لعامة الناس، ولكننا عندما نتحدث عن بعض الذين ينسبون إلى أنفسهم التدين، فإننا بذلك نطالب بأن تبقى نظرة التقدير والاحترام للمتدين الحقيقي والإنسان الصالح الذي يجد عنده الغالبية من الناس، الحلول لمشاكلهم وهمومهم، فكم نحن بحاجة لأن يكون بالقرب منا أناس قريبون من ربهم، حتى يفيضوا بالسماحة والمحبة لأسرهم ومجتمعهم.