أنوارعبدالرحمن
في كل زيارة لي إلى الرياض أفاجأ بالتطور والعمران السريعين في هذه المدينة الغالية على قلبي، وأكتشف أنني لم أقم بالزيارات الكافية للأماكن الترفيهية والتسويقية، وحتى ابنة خالي التي في كل مرة تستقبلني منذ وصولي لقاعة القادمين إلى توديعي في صالة المسافرين، تقول لي جملتها المعتادة «أنت ترى للحين ما شفتي كل الأماكن الحلوة في الرياض» وأرد عليها بابتسامة «يعني هذا إغراء علشان أرد لكم مرة ثانية».. ورغم ان الفترة التي قضيتها هناك لم تكن قليلة، فمدة 3 أسابيع اعتقد البعض أن الملل قد أصابني، ولكن في الحقيقة إن ذلك الشعور لم ينتبني أبدا، فيكفي أنني طوال هذه المدة لم أكن أشعر بأنني ضيفة بل كنت أشعر بأنني في داري وبين قلوب تكن الحب الأخوي الذي لا نفاق فيه لشعب الكويت والفطري لوطني العزيز.
هناك كنت أتابع بقدر الإمكان الصحف اليومية السعودية، ووجدت أقلاما تستحق الثناء والمتابعة لما تتحلى به من فكر وأسلوب جميل وراق، مما يدل على وجود نخبة من المثقفين الواعين الذي يستحقون بان يكونوا واجهة إعلامية يفخر بها بلدهم ويعتز، وكانت فرصة كبيرة لي أن أحضر جزءا من الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي في الرياض، بمناسبة الاحتفاء بيوم القصة العالمي، وكانت بعنوان تجاربهم في كتابة القصة القصيرة، وقد تحدث عنها كل من الأستاذ جبير المليحان، والأستاذ صالح الأشقر، والأستاذ فهد المصبح، ودار النقاش بعد ذلك بين عدد من الأدباء والمهتمين وبعض الأخوات كالأستاذة ليلى الأحيدب التي أشاد الكُتاب بمجموعة قصصها التي كانت بعنوان «نساء»، والشاعرة هدى الدغفق التي أهدتني ديوانها الجديد بعنوان «امرأة.. لم تكن» وغيرهن من الأخوات الإعلاميات اللاتي لم تسعفني الذاكرة لذكر أسمائهن، وقد استقبلتني الأخوات هناك باهتمام بالغ ورحابة صدر، وتوجهن بي إلى معرض الكتاب المتخصص في القصة القصيرة الذي فتح بعد الندوة مباشرة في النادي نفسه، أجمل اللحظات التي قضيتها حينما كنت أستمع إلى حوار العقول بمختلف مبادئ وأفكار أصحابها، لأن الإنسان حينها يسمو ويصفو على كل فكر ساذج وعقل خاو، ويدفعك بعد ذلك إلى المنافسة الشريفة والسير في طريق النجاح بخطوات مدروسة وثابتة، هذه المشاعر التي خلفت في نفسي بعد ذلك اللقاء الأدبي، وتركت في عقلي بصمة جميلة وذكريات لا تنسى، وغرست هناك زهرة ناطقة من مشاعري في كل شوارع الرياض والأماكن التي زرتها، تقول دون حياء «بإذن الله سأعود لك قريبا يا حبيبتي».