أنوارعبدالرحمن
هذا الحوار يدور حول زاوية أخرى، من علاقة جمعت بين هذا الرجل وتلك المرأة في ظرف من ظروف الحياة.
-
الهموم أثقلت كاهلي، فتذكرتك، فأنت الوحيد الذي أشكو إليه بعد الله سبحانه.
-
أشعر بكل أنين يحبسه صدرك، وددت لو باستطاعتي أن أخفف عنك أوجاعك.
-
أهرب إليك ولا تدري.. حينما أغوص بين أحضان وحدتي وتتمادى دموعي، كم قلت آه.. وآه وكأني بك تنجدني من آلامي، وأجد صوتك يهون علي، بين مسافات البعد بيني وبينك.
-
وغريب أن أجدك تبحثين عني بين هذه المسافات، وأنا أشعر بالعجز عن الوقوف بجانبك ومداواتك.
-
أنت تقف بجانبي حتى وأنت غائب عني، إنني أحس بذلك.
-
كرهت الأيام التي تخلو من الأصدقاء الأوفياء، نادراً ما نجد في هذا الزمن قلوباً تظلل حياتنا بالحب والإخلاص.
-
هناك علاقات تبنى على الصدق والوضوح، أساسها متين فلا تهدم مهما كانت الظروف التي تجبرها على الرحيل.
-
وعلاقتنا.. لها مسمى آخر، لا يعرف معناها إلا القليل.
-
عندما عرفنا البياض أنكرنا السواد، وعندما مارسنا النقاء كرهنا العفن.
-
وعندما التقينا.. بدأنا صفحتنا بحروف من الصفاء، ما أجملها من بداية!
-
إنها كلمة شرف لا يطولها الدنس، مهما حاول البعض التشكيك فيها أو فينا.
-
لذلك.. اخترت البعد عنك، حتى لا يطعن السفهاء في شرفها.
-
قلت لك من قبل.. أنا لا يهمني ما يقولون ويدعون، كان عليك أن تبقى صامدا وغير مبالٍ بهم.
-
ولكن أنا يهمني ألا تطولك كلمة مؤذية ولا تتبعك عين فاسدة، ولا يظن بك ظن السوء، إني فعلت ذلك لأغلق باب الشبهات.
-
يكفي أن أعرف أنا من أكون، وكيف تنظر لي أنت، ويكفي أن أنال شهادة منك بأنني فوق ما يظنون، الله سبحانه يعلم أن ثوبي نقي ويديّ لم تلامسا حتى هذه اللحظة يديك.
-
ولكن الحذر واجب، ونحن نعيش في زمن لا تحسن فيه النيات صدقيني.
-
ونحن ما لنا وما لهم، ها نحن نعاني قرار البعد، وألم الفراق، وهم يعيشون حياتهم كما يريدونها.
-
ونحن رغم البعد، تتواصل قلوبنا، ربما أغلقنا الأبواب أمام أعينهم، ولكن الباب الذي بين أرواحنا لم يغلق.
-
ولكن الفراق صعب.
-
وأصعب منه أن أسمع اسمك تتناقله الألسن القذرة، وتحاك الروايات الملفقة عني وعنك.
-
أحتاج لعقل أكبر وقلب أوسع ليستوعب ذلك.
-
أعرف انك تملكين من الذكاء كي تتفهمي الأمر، ومن القوة والصبر كي تتحملي هذا كله.
-
صعب أن نخطط مسيرة حياتنا كما يريدها البعض لا من قناعتنا الداخلية بها.
-
وصعب أن نفسر للآخرين معنى علاقتنا الجميلة والناضجة، التي لا تفقهها أغلب العقول الناقصة.
-
يبدو أنني سأبكي كثيرا، بسبب فراقك الذي كرهته.
-
وسأتألم أكثر بسبب عجزي عن وقوفي بجانبك، ما أقساه من موقف!
-
قف معي بقلبك، كلما اشتدت عاصفة الأحزان، فأجمل شعور أعيشه في ذاك الوقت، هو أن أجدك تشعر بي، وتهون علي الأمور، كي أتماسك فلا تقلع أشجاري الهموم.
-
سأقف معك دائما كما عهدتيني من قبل، ويقيني بأن الله سينصرك، لأنك أنقى وأطهر من القلوب التي تضمر الحقد والشر حولك، لن أتخلى عن قناعتي بك ولن أنسى المرأة التي علمتني معنى الحب الأخوي الطاهر، يوم كنت لا أرى النساء إلا من زاوية واحدة، ظلمتك بها أنت أولا، حتى عرفت أن هناك جهة أخرى من الحياة لم أيمم وجهي نحوها، ألا وهي زاوية البياض.